رقم 31: خاطرة آخر الشهر الأول … ما هو مصدر قناعاتي ورؤيتي للأمور؟ … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(31 آب/ أغسطس 2020)

اليوم 31 آب/ أغسطس، اليوم الأخير من الشهر الأول لهذه الخواطر. سأتطرّق بخاطرة اليوم لسؤال أُسْأَلْ حوله باستمرار: ما هو مصدر قناعاتي ورؤيتي للأمور؟ أقول ما أقوله دومًا: يكمن السرّ في الخلطة؛ خلطة شَفَتْني من فيروسات عقلية وغذائية وقلبية وما يرتبط منها بالعلاقات على شتى الأصعدة عن طريق العودة إلى الأصول، بدءا بالطبيعة الشافية والأفق الحضاري حيث تجلّت الحكمة في جدْل نسيج بين حضارات وثقافات عديدة من الهند وأصفهان شرقا وحتى فاس وقرطبة غربا، كان أبرز مظاهرها بيت الحكمة ببغداد. بدأ تحرري بالعمق عبر انتزاعي من مصطلحات مؤسسية مهنية وتصنيفات أكاديمية كأساس ومرجع لما أقوله وأفكّر به وأعمله. لم أشعر في حياتي بقدرة على توضيح رؤية وتكوين بيان كقدرتي بعد انتزاعي من هيمنة هذه المصطلحات. أشجع كل شخص أن يبدأ بالتعبير والتفكر والفعل في حياته خارج هذه المصطلحات (التي يمكن أن يكون لها ضرورة في أمور تقنية وأوضاع معينة، لكن ليس في الحياة). على الصعيد الشخصي، شملت الخلطة المسيح الفلسطيني والنبي العربي والإمام علي وكثير من حكماء وشعراء تلك الفترة وشملت في العصر الحديث كثيرا من الأدباء والشعراء والمربين العرب، كما شملت غاندي وماركس وإلّيتش والزباتيين (أهالي جنوب المكسيك الأصليين). لكن في العمق، كانت أمي (التي تعرف اللغة الحية دون أن تعرف الأبجدية؛ يُطْلَق عليها خطأ بأمية) هي التي انتزعتني من أوهام وخرافات وأمراض حديثة. كل هؤلاء كانوا مصدر عافيتي وقناعاتي. ذكرتُ كثيرا عن تفاصيل هذه الأمور بالخواطر الثلاثين حتى الآن التي وضعتها ‘ريف فاخوري’ بحلَّةٍ فنية جميلة كما ساهَمَتْ بصقل وإعادة النظر في كثير من الأفكار والتعابير التي بعثت بها إليها. لم يَتَسَنّ لي أن أعلّق على ما كتبه القراء، لكن الهدف الأساسي من هذه الخواطر هو ليس سجالا بل عرض أفكار مختلفة أو حتى متناقضة مع ما أطرحه. أكدتُ بمقدمة هذه الخواطر أن ما أقوله هو نتيجة تأمّل واجتهاد فيما مررت به، ولا أدّعي أنها حقائق أحادية عالمية.

#منير_فاشه  #مجاورة #خواطر  #الطبيعة_الشافية  #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل  #تعلم  #التعلم_قدرة_عضوية

رقم 30: طالبات الصف السابع بمخيم شعفاط … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(30 آب/ أغسطس 2020)

عام 2010 عملتُ عبر ‘المركز النسوي’ بمخيم شعفاط مع معلمات وأمهات. كما عملتُ مع طالبات الصف السابع حيث بدأنا بفلاحة أرض في حديقة المدرسة من أجل زراعتها. ثم عملت مع 8 طالبات منهن رغبن في عمل شيء بالنسبة لوزنهن الذي لم تكنّ راضيات عنه. قلت: “لنلتقي أيام السبت من كل أسبوع، ولِتَقُم كل طالبة بتسجيل كل ما تأكله خلال الأسبوع الفائت وتشارك الأخريات بما أكلته وما تقرر ما ستغيره في الأسبوع الذي يليه. (إذا استهلكت 10 علب مشروبات غازية في الأسبوع مثلا، فربما تقرر أن تشرب فقط 6 في الأسبوع اللاحق، أو إذا أكلت 15 رغيف خبز، ربما تقرر تخفيض ذلك إلى 9 في الأسبوع التالي”… مثال رائع لمعنى مجاورة: الطالبات الثمانية بإرادة ذاتية رغبن في اللقاء؛ لم يكن ضمن المجاورة صواب وخطأ بشكل مطلق، ولا أجوبة جاهزة، كما لم تكن هناك تراتبية من أي نوع داخلها؛ كل طالبة حكمت ذاتها وقررت بذاتها ما تأكله وما ترغب في تغييره؛ لم يكن هناك تقييم، كل طالبة هي صاحبة الشأن في تنظيم حياتها أي مرجعية نفسها؛ لم تكن هناك حاجة لأن يكذبن؛ كان وجودهنّ معا حافزا لمتابعة العمل على تخفيض أوزانهن كما كانت تحدث أمور أضحكتهن، أي كنّ تستمتعن بالعمل الجمعي؛ لم تكن هناك سيطرة من أي نوع داخل المجاورة أو من خارجها؛ كنّ الوسيط والمرجع والمعيار… تنظيف أجسامنا وعقولنا ونفوسنا مما يمكن أن يؤذيها كالمأكولات المصنعة والكلمات المصنعة ومن مقاييس تضع البشر بعضُهم فوق بعض بحيث يدرك الشخص نفسه إما أنه أعلى أو أدنى من غيره (فيروس مخرب على الصعيد النفسي والاجتماعي). هذه هي العافية. في تموز 2017 ذهبت إلى المدرسة بالمخيم. شاهدت ما يسعد القلب والروح: حديقة مليئة بنباتات صالحة للأكل تقوم بها طالبات بالصفوف الابتدائية مع معلمتهم، كما شاهدتُ معلّقا عليه عبارة الإمام علي: ‘قيمة كل امرئ ما يحسنه’. عبارة يمكن أي طالبة أن تذكِّر بها أي شخص بالمدرسة يحاول أن ينعتها بفاشلة أو متخلفة أو راسبة…

#منير_فاشه #مجاورة #خواطر  #الطبيعة_الشافية  #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل  #تعلم  #التعلم_قدرة_عضوية

رقم 29: مدرسة ‘أبو ريا’ التي درستُ فيها … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(29 آب/ أغسطس 2020)

عام 1949 أدخلني أهلي ب ‘الكلية الوطنية’، المدرسة التي أسسها ‘خليل أبو ريا’ (تلميذ السكاكيني) عام 1947 برام الله. أشعر أني محظوظ لأنهم لم يضعوني بمدرسة ‘نخبة’. التعلم الذي مررت به فيها عبر 8 سنوات فاق كثيرا في العمق مما حصلت عليه عبر الدراسة. التعلُّم فيها كان أهم من الدراسة. كان ‘أبو ريا’ مثلا (ولمدة 4 سنوات) يغلق المدرسة أيام السبت ويأخذنا مشيا على الأقدام طوال اليوم بجبال ووديان وقرى حول رام الله (كان السبت في ذلك الوقت برام الله يوما دراسيا). كان ‘أبو ريا’ يعتبر ذلك المشي جزءا من المنهاج. ما كنا نتعلمه (كميةً ونوعًا، والذي لا يمكن أن يتم عبر كتب مقررة وتدريس وتقييم) كان مذهلا: تعرُّف بعضِنا على بعض وعلى الطبيعة بما في ذلك الينابيع العديدة بفصل الربيع حيث كنا نشرب منها مباشرة، والتعرف على القرى وأهاليها. أدى ذلك إلى سُمْعَة سيئة بأن المدرسة غير جدية إذ إلى جانب إغلاق المدرسة أيام السبت، لم يكن أبو ريا يطلب ممن يتقدم ليلتحق بها شهادات المدرسة السابقة، والمنافسة كانت شبه معدومة. كانت أغلبية الناس تعتبر أن ما نفعله مضيعة للوقت فالمفروض بدلا من المشي، من الأجدى أن نكون جالسين على مقاعد ننظر إلى لَوْح! لم أفقد منذ ذلك الوقت (عمري الآن 79 سنة) حبي للمشي بالطبيعة. من أحلى ما أتذكره بتلك المشاوير أن كان يحدث أحيانا عندما ندخل قرية، يكون بمقهى بساحة البلد شخص يقرأ الجريدة بصوت عال وحوله أشخاص يستمعون ويعلقون ويختلفون ويضحكون. تلك كانت مجاورات جوهرها تعلم وجدل نسيج على أصعدة شتى ومتعة مفقودة في القراءة الصامتة. كانت تلك اللقاءات مليئة بالحيوية والتعددية في النظرة لما يحدث. عندما أتذكر ذلك أشعر بروعة التحادث والنطق والإصغاء. القراءة الصامتة التي نمارسها بغرف مغلقة تفتقر لكثير مما شاهدتُ بتلك الحلقات. نحتاج أحيانا إلى قراءة صامتة، لكن إذا كان ذلك لمدة ساعات باليوم وعدة دقائق فقط للتحادث، فذلك خسارة لأعمق فن بين البشر. لم نكن عبر المشي مقسمين حسب العمر كما بالصفوف؛ كان الكل يتحدث مع الكل عبر لغة حية لا علاقة لها بمصطلحات وتصنيفات. كنا نمشي أغلب الوقت بالوعر، والذي بطبيعته يجمع بين حرية عميقة وانتباهٍ الشديد للواقع؛ حيث ننظر قبل كل خطوة أين نضع أقدامنا حتى لا نتعثر. كان كلٌّ منا يتعلم دون تخطيط بل كتجسيدٍ للتعلم كقدرة فطرية تحدث كالتنفس طوال الوقت. كانت تلك المشاوير ولائم فكرية ثقافية اجتماعية روحية جغرافية يختار فيها كل شخص ما طاب له من الطبيعة والأحاديث وليس وفق برنامج معين. تصوروا لو هذا لا يزال يُمارَس بمدارسنا، حيث يتعرف بعضنا على بعض عبر جدل أنسجة بيننا ومع الطبيعة لا عبر تنافس على رموز مريضة. كذلك، كان ‘أبو ريا’ يختار طلبة من خلفيات مختلفة بالصف الواحد. تخرّجتُ مع 6 من رام الله والباقين من قرى حولها واثنان من مادبا. (أسَّسَ رام الله شيخ إحدى عشائر الكرك راشد الحدادين قرر الجلو عن موطنه بسبب خلافات عشائرية بالقرن 16.) كان كل سنة يأخذنا جولة 3 أيام. ما زلت أذكر جولة لشرق الأردن حيث نمنا ليلة بمدرسة عجلون والثانية على شط العقبة.

#منير_فاشه #مجاورة #خواطر  #الطبيعة_الشافية  #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل #تعلم  #التعلم_قدرة_عضوية

رقم 28: حجر العقول … الحجر الأول تاريخيا على الصعيد العالمي … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(28 آب/ أغسطس 2020)

لم يعد الوضع يتحمل الميوعة والترهُّل والكسل على صعيد الذهن والجسد والإدراك والتعبير حيث نستهلك ونعيد كالببغاء ما يأتينا جاهزا معلبا من مصانع معرفة ومأكولات وترفيه وتواصل. يكمن التحدي الرئيسي باستعادة الفَلاحَ والفِلاحَة والثقافة الحيّة وحكم ذاتنا بالنسبة لما يدخل أمعدتنا وعقولنا وقلوبنا وعلاقاتنا وإدراكنا وروحنا. يرتبط هذا التحدي بممارسة مسؤوليتنا لحمايتنا مما يمزقنا ويخرّب داخلنا وحولنا. يتطلب هذا بالضرورة انتزاع أنفسنا، قدر الإمكان، مما هو جاهز على شتى الأصعدة. ذكرتُ في أكثر من خاطرة أن المستنقع الذي غطسنا فيه منذ أكثر من مائة عام تمثَّل بإلهائنا بما هو بين الأغصان ونسيان ما بالجذور بما في ذلك إيهامنا بأن القبيلة الغربية هي الطريق والحل. قبل احتلال الفرنسيين والانكليز لبلاد الشام (1917) تمثَّلَت النهضة بأدب وفكر مرتبطين بالحضارة والثقافات المتعددة لدينا. كتاب ‘أحمد فارس الشدياق’ “الساق على الساق” (عام 1855) عن سيرة حياته مثالٌ رائع لأدبٍ جامعٍ لمكونات الحياة نفتقر لمثله حاليا. كذلك بالنسبة للكثير من أدباء وشعراء القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بالمنطقة. ثم جاء التعليم المدرسي والأكاديمي (وبعده التنمية) وأقنعونا بأننا متخلفين مما أدى إلى قبول كل ما يُقدَّم إلينا. الكتب المقررة غيّبت كتبا فيها بيان وتبيين. كلمة خدمة ومساعدة كانتا الفيروس الذي خدعنا، إذ سلبتا مقوماتنا وما نستطيع فِعْلَه بأنفسنا، ابتداء بالفكر حيث تمّ حجرُنا بصفوفٍ ساعات يوميا على مدى سنوات. لم يكن الحجر كما هو الآن للجسد فقط بل أيضا للعقل والقلب والروح حيث ابتعَدْنا عن الطبيعة الشافية والثقافات الحية. العالم على مفترق طرق مرعب بشكل غير مسبوق: إما دمار شامل أو استعادة الحكمة في الحياة. ما يحدث حول العالم يتطلب جرأة وجدّية لدى البشر لتفادي كارثة تشمل البشرية. نعيش واقعًا مرعبًا بينما يتم حجر العقول عبر التعليم عن بُعْد حيث يصبح إنهاء المناهج الشغل الشاغل للمدارس والجامعات! عندما يعني التعلُّم إنهاء المنهاج، قُلْ على الناس السلام. نتعامل مع المنهاج بمثابة إله نعبده ونسير وفق إملاءاته مهما كانت الظروف آمين! كأننا بالتعليم نعيش على كوكب لا علاقة له بما يجري على الأرض. كوكبنا جاهز للانفجار بينما نستمر بكلمات دعاية كتميُّز وجودة التعليم والحق في التعليم وإنجازات وهمية لا علاقة لها بالحياة تتنافس مؤسسات التعليم لتكون الأولى في السباق على طريق الاستهلاك. آن الأوان أن نصحو، ونشفى من الفكر الأحادي العالمي الذي هو، لا الأديان، مصدر الأصولية الحديثة المهيمنة. ماذا يمكن أن نفعل؟ هذا ما يجب أن يكون همّنا الأكبر ومضمون أحاديثنا وأفعالنا.

#منير_فاشه  #مجاورة  #خواطر #الطبيعة_الشافية  #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل #تعلم #التعلم_قدرة_عضوية

رقم 27: تعلَّم لِتُغَيِّر العالم… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(27 آب/ أغسطس 2020)

“تعلَّم لِتُغَيِّر العالم”: شعارٌ ترفعه مؤسسات عديدة مرموقة حول العالم؛ مثل المثالين بأعلاه: جامعة هارفارد ومدارس والدورف. أتساءل في هذه الخاطرة عما يعنيه الشعار عمليا. أرجو ممن لديه توضيح أن يبعث به إلينا، فنحن شغوفون لمعرفة ذلك.

#منير_فاشه  #مجاورة  #خواطر #الطبيعة_الشافية  #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل #تعلم  #التعلم_قدرة_عضوية

رقم 26: العودة للأصول، للجذور الجزء الثامن… عودة من سيفون المياه إلى طرق أخرى أكثر حكمة…… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(26 آب/ أغسطس 2020)

البشر أذكياء جدا بحيث لا أمل لنا بالبقاء دون حكمة. العقل غير محصّن بيولوجيا كالمعدة. إذا دخل المعدةَ سمومٌ قوية تتقيّأ، فالمَعِدَة مُعَدَّة بيولوجيا لحماية نفسها وصاحبها. العقل يفتقر لمثل هذه الحصانة مهما كانت قوة السموم، مما حثّ البشر عبر العصور على توليف حكمة كرفيقة للعقل. المدنية التي مزَّقَت العلاقة بين الحكمة والعقل كانت المدنية الأوروبية الحديثة حيث وَضَعَتْ العقل على العرش وسجنت الحكمة. العقل قوة هائلة بالإنسان يستطيع عمل الكثير (كما حصل عبر القرون الأربعة الماضية) لكنه قاصر عن تحديد الطريق السليم الذي يسلكه دون حكمة. معظم ما نعيشه حاليا من أزمات وتخريب ودمار نابعٌ مما أنتَجَتْهُ عقولٌ تفتقر للحكمة. مثالٌ صارخٌ على هذا في بلاد الشام هو سيفون المياه: اختراعٌ علميٌّ مدهش لكن يفتقر للحكمة حيث المياه شحيحة، إذ يسلبنا الماءَ والفضلات والتربة ويلوث البيئة – كل ذلك ليظهر المرحاض نظيفا! ألا توجد طرق أخرى؟ طبعا توجد لكنها لا تدرّ ربحا لأحد، لذا مغيّبة. يستهلك السيفون معدّل 40% من المياه المستعملة بالبيوت، مما يجعله اختراعا كارثيا سنعيش عواقبه بالمستقبل غير البعيد. من أهم ما يميز العيش بحكمة النظر بالعواقب. لا نرى عواقب السيفون لأن عقولنا الحديثة تنبهر بمكاسب نجنيها بين الأغصان دون النظر لما يحدث بالجذور.

#منير_فاشه  #مجاورة  #خواطر  #الطبيعة_الشافية  #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل #تعلم  #التعلم_قدرة_عضوية

رقم 25: العودة للأصول، للجذور الجزء السابع… مفهوم ‘بحث’… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(25 آب/ أغسطس 2020)

نحتاج إلى العودة من ‘بحث’ كرديف research إلى ‘بحث’ بمعنى search الكامن في الجذور وفق قول الرومي ‘أنت ما تبحث عنه’. شاركْتُ بعقد السبعينيات (قبل 45 سنة) في كتابة أسئلة رياضيات لامتحان التوجيهي على مدى 8 سنوات. بحثت خلالها عن معنى لقيمة المرء يُجَسِّد احتراما وتعددية ويختلف جذريا عن التقييم العمودي. بدأتُ أبحثُ في كتب عربية قديمة لَعَلّي أجد شيئا. وجدت ضالتي عام 1997 في كتاب الجاحظ ‘البيان والتبيين’ في قول الإمام علي: ‘قيمة كل امرئ ما يحسنه’. بعبارة أخرى، استعملتُ ‘بحث’ بمعنى researchلتوضيح ما كنتُ أبحث عنه بالنسبة لقيمة المرء. وهذا ما أراه كعلاقة بين المعنيين حيث researchتكون تابعة ل search.

#منير_فاشه  #مجاورة  #خواطر  #الطبيعة_الشافية  #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل #تعلم  #التعلم_قدرة_عضوية

رقم 24: العودة للأصول، للجذور الجزء السادس… عودة من ‘فرانسيس بيكن’ إلى ‘ابن سينا’… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(24 آب/ أغسطس 2020)

‘أبو العلم الحديث’ ‘فرانسيس بيكن’ Francis Baconقال: العلم ‘أن تكون لدينا القوة لقهر وإخضاع الطبيعة وخلخلة أسسها’:

In his words: ‘having the power to conquer and subdue nature, to shake her to her foundations.’

في العام 1981 كتبَتْ ‘كارولين مِرْشَنْتْ’ Carolyn Merchant كتابا بعنوان  ‘The Death of Nature’نتيجة فكر ‘بيكن’. بالمقابل، اعتبر ‘ابن سينا’ (قبل ألف سنة) الطبيعة الشافية جوهر المعرفة العلمية. التفجير ببيروت مثالٌ صارخ على انتصار فكر ‘بيكن’ وإهمال فكر ‘ابن سينا’. التفجير مثالٌ صارخ  قَهَرَ فيه العلمُ المهيمن (لا الجهل) وأخْضَعَ الطبيعة الفيزيائية والبشرية في نفس الوقت وخلخل أُسُسَهما. يمكننا بالطبع كالعادة الاستمرار بوضع رؤوسنا في الرمال والعيش وفق الميوعة الذهنية التي تميّز الفكر المؤسسي حيث نسمح ل‘بيكن’ أن يستمر في قهره للطبيعة وخلخلة أسسها. كما يمكننا العودة للأصول، ضمن أفقنا الحضاري، ونصحو ونعيد النظر بفكرة التقدم والعلم والتكنولوجيا بحيث نربطهم جميعا بالحكمة والعافية. إذا استمرينا في السير وراء ‘بيكن’ كالغنم، لا أمل لاستمرار الحياة على الأرض.

#منير_فاشه  #مجاورة  #خواطر #الطبيعة_الشافية  #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل #تعلم  #التعلم_قدرة_عضوية

رقم 23: العودة للأصول، للجذور الجزء الخامس … قصتي مع اللجنة المشرفة على رسالة الدكتوراه … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(23 آب/ أغسطس 2020)

عام 1984، قدّمتُ أول صيغة لرسالة الدكتوراه للجنة المشرفة. في لقائي معهم، أكد الأعضاء الثلاثة أن المنهجية غير واضحة. قلت: ‘بل لا توجد منهجية، هذه كلمة اخترعتوها على مقاسكم ووفق أغراضكم؛ لم أستعملها بحياتي ولا أحتاج لها ولا أنوي استعمالها في رسالتي’. سأل أحدهم عن كيف أُكَوِّن معرفتي. قلت أني منذ 1971، نهجي في بناء معرفة ترتبط بالحياة، شمَلَ اندماج كلي بالحياة وتأمّلا بخبراتي وقراءاتي ومحادثاتي، واجتهادا لتكوين معنى وفَهْم.’ لم يعجبهم كلامي وأصرّوا على المنهجية المقبولة أكاديميا. شعرتُ عندها أن سبب عدم قبولهم لما ذكرتُه يكمن في أنه لن يكون لديهم سيطرة عليّ فيما أقوله وأفكر فيه وأكتبه، وهذا يتناقض مع المدنية المهيمنة التي تحكمها قيم السيطرة والفوز. قررتُ عندها ترك ‘هارفارد’ والعودة لجامعة بيرزيت وعملت عميدا لشؤون الطلبة مدة سنة، عدت بعدها إلى ‘هارفارد’ وقمت بما طلَبَتْه مني اللجنة لسبب بسيط: بدأتُ أسمع وأنا ببيرزيت أني أنتقد هارفارد والتعليم لعدم قدرتي على الحصول على دكتوراه. قررتُ أن أخزي عين الشيطان وعُدتُ إلى هارفارد وفعلت ما طلبته اللجنة وحصلت على الدكتوراه.بتعبير آخر، لم يُسْمَح لي أن أعود للجذور. شعار هارفارد VERITAS(الحقيقة) التي تدّعي أنها تمتلكها. حاولت أن أوضّح أن حضارتي في الجذور تعتمد الحكمة كأساس ومرجع ومعيار، لكن لم أفلح.

#منير_فاشه  #مجاورة  #خواطر  #الطبيعة_الشافية  #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل #تعلم  #التعلم_قدرة_عضوية

رقم 22: العودة للأصول، للجذور الجزء الرابع … حين خرجتُ من نفسي، وجدتُ نـفسي … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(22 آب/ أغسطس 2020)

يضيف الرومي إلى العودة من كونه ذكي إلى حكيم حيث يقول: ‘لا تتركني [وحدي] لخوفي مني. كُنتُ أسمع اسمي ولا أرى نفسي؛ كنتُ منشغلاً بنفسي. وحين خرجتُ من نفسي، وجدتُ نـفسي.’ هذا ما حصل معي عندما خرجت من تحت عباءة رياضيات القبيلة الأورو-أمريكية نتيجة وعيي لرياضيات أمي الأمية (التي كوّنَتْ وحدة عضوية معها)، وعودتي للأصول، لرياضيات موجودة بجينات الحياة. قولٌ صيني قديم: التعلم هو فِعْلُ شيء، والاستمرار بفعله حتى يصبح تلقائيا وعضويا جزءا من أسلوب ونمط حياة الشخص. هذا ما فَعَلَتْهُ أمي دون أبجدية ومفاهيم ونظريات ومؤسسات ومهنيين؛ معنى للتعلم متوافق مع الطبيعة والحكمة. باختصار، عودتي بالرياضيات للأصول كانت عبر أمي. كتبتُ عنها الكثير حيث ‘خرجتُ من نفسي، فوجدت نفسي’؛ خرجتُ من كوني كولونيالي معرفي سلاحي الرياضيات ووجدتُ نفسي أتنفس الصعداء. حظي أوفر من ‘جورج فلويد’.

#منير_فاشه  #مجاورة  #خواطر  #الطبيعة_الشافية  #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل #تعلم  #التعلم_قدرة_عضوية