رقم 10: قصة اختراع التعليم النظامي الجزء الثاني… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(10 آب/ أغسطس 2020)

تكلمت في الخاطرة السابقة عن جذور فكرة التعليم النظامي والشخصين اللذين صمماها. في هذه الخاطرة سأحكي عن انتقال هذا الفيروس إلى بلادنا… أرسلت الحكومة البريطانية ‘ثوماس ماكولي’ ليضع إستراتيجية حول كيف يمكن للانكليز حكم ملايين الهنود. قدَّمّ ‘ماكولي’ اقتراحه يوم 2 شباط/ فبراير 1835 والذي جاء فيه (أضعه بكلماته الأصلية):

“I have conversed both here and at home with men distinguished by their proficiency in the Eastern tongues. I am quite ready to take the Oriental learning at the valuation of the Orientalists themselves. I have never found one among them who could deny that a single shelf of a good European library was worth the whole native literature of India and Arabia. The intrinsic superiority of the Western literature is, indeed, fully admitted by those members of the Committee who support the Oriental plan of education [in India]… We must at present do our best to form a class who may be interpreters between us and the millions whom we govern; a class of persons, Indian in blood and colour, but English in taste, in opinions, in morals, and in intellect… We have to educate [them]…”. From Thomas Macaulay, “Minute of 2 February 1835 on Indian Education, by G. M. Young (Cambridge MA: Harvard University Press, 1957), pp-721-24.

باختصار، تشمل إستراتيجية ماكولي عدة مكونات: (1) إقناع الهنود بأنهم متخلفون (احتقار الذات) [في قوله مثلا ‘رفّ واحد بمكتبة أوروبية جيدة تفوق قيمتُه كل ما كُتِبَ من آداب باللغة الهندية والعربية’!]؛ (2) إقناعهم بأن المدنية الانكليزية طريق الخلاص (احتكار الحلّ)؛ (3) الانكليز على استعداد لمساعدة الهنود للسير على طريق أوروبا (شكّلت ‘المساعدة’ على مرّ السنين أداة أساسية للسيطرة الأوروبية على العالم)؛ (4) على الانكليز إنشاء طبقة وسطاء بينهم وبين الذين سيحكموهم؛ طبقة من أشخاص، هنود بدمهم ولونهم، لكن انكليز بأذواقهم وآرائهم وأخلاقهم وعقولهم – وذلك عبر التعليم! أي الأداة الرئيسية في إستراتيجيته لحُكْم الهند هي التعليم النظامي! استعمل الانكليز هذه الإستراتيجية في شتى البلدان التي احتلوها بما في ذلك بلادنا عبر أشخاص، عرب بدمهم ولونهم، لكن انكليز بأذواقهم وأفكارهم وأخلاقهم وعقولهم’، كنتُ أحدهم حتى حرب 1967، إذ ساهمتُ بقولبة عقول الطلبة الذين درّستهم بمدارس وجامعات، وقمت بذلك خاصة بمادة الرياضيات، بإخلاص ونيّةٍ حسنة، عبر خداعي وتخديري من خلال إستراتيجية احتقار-احتكار-مساعدة-خلق طبقة.

#منير_فاشه #مجاورة #خواطر #الطبيعة_الشافية #احتلال_و_عودة #قصة_التعليم_النظامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *