رقم 11: قصة اختراع التعليم النظامي الجزء الثالث… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(11 آب/ أغسطس 2020)

عام 1892عُيِّن عشرة أشخاص لِوَضْع قائمة بالمواد المدرسية في الولايات المتحدة، عُرِفوا ب‘لجنة العشرة’[6 رؤساء جامعات و3 مدراء مدارس ومسئول عن التعليم بواشنطن – ليس بينهم أُمّ ولا مزارع ولا فنان ولا شخص يتصف بالحكمة، وليس لأي منهم علاقة بالحياة والجذور، كل ما عرفوه في حياتهم هو مؤسسات تعليمية]. قررت اللجنة المواد المدرسية الحالية المشرذَمة والمشرذِمة للمعرفة والحياة. ما اقترحوه لا يكوّن صورة بالذهن ولا علاقة له بالحياة وبنوه وفق قناعات كان أسوأها برأيي أن المعرفة لا علاقة لها بسياق ولا فعل ولا ثقافة ولا قيم ولا مجتمع. نعيد المواد بالمدارس كالببغاء وكأنها معرفة نافعة. تصوّروا لو كانت العافية هي البوصلة للرؤية التي حكمت أفكارهم وأفعالهم! لكن هذا غير ممكن ببلدٍ تحكمه قيم السيطرة والفوز والتراكم الأسي لرأس المال، لكنه ممكن عندنا لو لم نكن مخدّرين، ولا يزال ممكنا إذا خرجنا من حالة التخدير. ما هو شكل ومضمون المعرفة وفق العيش بعافية؟ استعادة الحكمة مثلا عن طريق تَمَحْوُر المعرفة حول حقيقة أن الإنسان يتغذى من ثلاثة أنواع من التربة: تربة أرضية-طبيعية، تربة ثقافية-معرفية-روحية، تربة مجتمعية-اقتصادية – والتي تتوافق جميعا بالضرورة مع العيش وفق الوفرة لا الندرة التي تحكم عالم الاستهلاك. تصوروا لو كانت أنواع التربة هذه مضمون منهاج السنوات الثمانية الأولى بالمدارس حيث تدخل المواد المألوفة في المنهاج بشكل متكامل متداخل بدلا من مواد منفصلة. مكوِّنٌ جوهري في التربة الثقافية هو الحضارة العربية التي تكونت بوجود ثقافات عديدة متنوعة غنية. تشكل اللغة العربية بجماليتها ومنطقها وغناها والحكمة في ثناياها بوتقة المعرفة بدلا من مادة دراسية منفصلة عن المواد الأخرى والحياة. يصبح الأدب بشتى أشكاله ومعانيه هو بيان المعرفة كأساس. المعرفة التقنية يمكن أن تضاف دون أن تسلبنا ما فيه عافية. تصورا لو خلال المائة سنة الفائتة كانت الطبيعة والثقافات المتعددة هي بوتقة المعرفة والبيان الذي يبيّن ما يختلج داخل العقول والقلوب والنفوس، لكان وضعُنا مليئا بالعافية والحيوية على صعيد الجذور. تحويل اللغة العربية إلى مادة دراسية شكّل المستنقع الفكري الذي وقعنا فيه كأمة. لذا، من بين ما علينا فِعْلَه هو العودة للُغَةِ الأم، لغة الحياة والشعر والأدب والتحادث والحكايات ولغة القرآن؛ إلى اللّغة الحية كأساس. وكما ذكرتُ بخواطر سابقة، لغة الأم هي نقيض اللغة الأم (رغم تشابه الحروف). لنتوقّف عن أن نكون ببغاوات ونسخا عن آخرين.

#منير_فاشه #مجاورة #خواطر #الطبيعة_الشافية #احتلال_و_عودة #قصة_التعليم_النظامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *