رقم 61: خارج دولة وطنية وخارج التنمية … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(30 أيلول/ سبتمبر 2020)

أقول دوما، أشعر بأني محظوظ لأني عشت معظم حياتي خارج دولة وطنية وخارج التنمية وكان أهم معلم في حياتي أمي الأمية، مما سهّل عليّ العيش وفق إنسانية متعافية من إملاءات مؤسسية مهنية أكاديمية. عدم وجود دولة وطنية حمانا من دخول البنك الدولي ومنظمات دولية أخرى. جدير بالذكر أن ما لم تستطع إسرائيل عمله بعساكرها استطاع البنك الدولي عمله: تدمير إنسانيتنا الجميلة ذات الجذور.

 #Munir_fasheh # منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر  #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

رقم 60: عالم أمي … جزء 5: التحرر من الأقفاص الفكرية … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(29 أيلول/ سبتمبر 2020)

في هذه الخاطرة سأتكلم عن ‘إمبراطورين’ آخرين حجمتهما أمي. ألقى ‘لورنس سمرز’ رئيس جامعة هارفارد عام 2005 محاضرة حيث قال من الواضح أن النساء أقل ذكاء بالرياضيات والعلوم، والبرهان عدد النساء بجامعات النخبة اللواتي يدرّسن هذه المجالات. بعثتُ له إيميل أرفقت به مقالي عن رياضيات أمي الأمية (والذي نُشِرَ بمجلة في جامعته)، وذكرت أنه كأكاديمي من الصعب عليه كما يظهر أن يرى خارج أسوار الأكاديميا، وتحديتُه أن يجد بين أساتذة الرياضيات والهندسة المرموقين مَنْ يستطيع عمل ما كانت تعمله أمي. ذكرتُ أن معرفة الأكاديميين ترتبط بأبجدية ورموز ونظريات بينما معرفة أمي مرتبطة بعالم عصيٌّ أن تُدْرِكَه عقولٌ أبجدية قاصرة أن تعبر عنها.

أما الشخص الآخر فهو ‘باولو فريري’ حبيب قلبي وفكري، لكنه أمام أمي هو الآخر أخذ حجمه الحقيقي إذ اعتبر أن عدم القدرة على القراءة والكتابة يجعل الشخص ناقصا، هذا إلى جانب وَضْعِه سُلَّمًا لدرجات الوعي. عرفتُ وتحدثتُ مع فريري شخصيا، وحضرت معه مساقا ب‘كلية بوسطن’ صيف 1982. ذكرتُ له كيف أمي الأمية كانت تمتلك معارف بما في ذلك الرياضيات وأنها لم تكن ناقصة ولا يمكن وضع وعيها على سلّمه. هزّ رأسه ولم يقل شيئا. هذا لا يقلل مما قدّمه عبر أكثر من ربع قرن بمجال التعليم وما زال ملهما لملايين. دعوتُه لزيارة ‘بيرزيت’ (1986) لمدة شهر ورتبت الأمر مع د. برامكي لكن تأجّلت الزيارة بسبب وفاة زوجة فريري. في نهاية المطاف، لم تتم الزيارة لأن صحة فريري لم تسعفه.

 #Munir_fasheh # منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر  #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

رقم 59: عالم أمي … جزء 4: ذكاء ميتافيزيقي وذكاء مرتبط بسياق وفِعْل … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(28 أيلول/ سبتمبر 2020)

في هذه الخاطرة سأذكر ثلاثة ‘أباطرة’ فكر حجّمتهم أمي في ذهني. أول مفكر غربي عشقته منذ المدرسة، واستمر حتى وعيتُ رياضيات أمي، هو ‘برتراند راسل’. عشقته بعلاقته بالمنطق وبمواقفه السياسية والاجتماعية، بما فيها القضية الفلسطينية. بعد وعيي لرياضيات أمي، تعجّبْتُ لأمرين: كيف لم ير رياضيات أناس حقيقيين كأمي، وكيف لم ير الخراب الذي سببته الرياضيات المهيمنة ودورَها في السيطرة والتمزيق.

ثاني نوع من أباطرة الفكر الذين أخذوا حجمهم الحقيقي هم ناشرو فيروس قياس الذكاء IQ المُسْتَعْمَل كسلاح للسيطرة على البشر، والذي وصل درجة مخزية عندما انبرى ‘علماء ذكاء’ وجامعات نخبة (بعد حصول السود على حق التصويت عام 1965) مثل آرثر جنسن بجامعة بيركلي (1968) الذي ‘برهن’ أن السود جينيا أقل ذكاء من البيض، ونشرت جامعة هارفارد بحثه (1969)! أما ‘الإمبراطور’ الثالث فهو ‘هوارد جاردنر’ صاحب نظرية الذكاءات المتعددة  الذي ذهبتُ عام 2002 إلى مكتبه (والذي يبعد مكتبه 5 دقائق مشي من مكتبي) وحكيت له عن ذكاء أمي كخلطة خاصة لا يمكن قياسها ولا تصنيفها ولا مقارنتها مع أحد، وكيف أن ذكاءها يكمن بأصابعها التي نسجت بين مكوناتٍ متعددة، كما ذكرتُ له عبارة الإمام علي كمصدر قيمة المرء، يتضمن احتراما وتعددية عكس المقاييس والتصنيفات السائدة. شكرني لحضوري واعتذر لأنه تأخر عن حصة!

 #Munir_fasheh # منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر  #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

رقم 58: عالم أمي … جزء 3: عالم أمي حماني من سطوة أباطرة الفكر … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(27 أيلول/ سبتمبر 2020)

نتيجة وعيي لرياضيات أمي، بدأ عمالقة رياضيات ومنطق وتربية يأخذوا حجمهم الحقيقي بذهني. كانت أمي ركيزة رئيسية بحياتي حمتني من أوهام وخرافات حديثة. كانت أكبر داعم لي في مواجهتي لأباطرة فكر تعاملتُ معهم وكيف حجَّمَتْهُم في إدراكي لهم. أول قصة أود أن أذكرها كانت مع اللجنة المشرفة على رسالة الدكتوراه حيث تساءلوا حول أمرين: وَضْعُ أمي كمرجع معرفي، والأمر الثاني عدم وضوح المنهجية. كان ذلك عام 1984. بالنسبة للأمر الأول سأل أحدهم عما فعلَتْه له علاقة بالمعرفة. قلت: لا يمكن وضع معرفتها ضمن مفاهيم ونظريات مؤسسية كما لا يمكن التعبير عنها عبر لغة ورموز أكاديمية. أما بالنسبة للأمر الثاني المرتبط بالمنهجية (والذي ذكرته بخاطرة سابقة) فقلت: بل لا توجد منهجية؛ هي كلمة اخترعتوها على مقاسكم خدمت أغراضكم،لا أحتاج لها ولم أستعملها بحياتي. عندما نُشِر أول مقال عنها (Harvard Educational Review عام 1990)، 11 منظمة صهيونية ألغوا اشتراكهم. الأمر ليس سهلا عندما نسير ضد التيار، خاصة عندما نصطدم بالأصولية الأكاديمية إذ يتطلب الوضع عندها إلى جرأة ووضوح عاليين، أمّنًتْهُما لي أمي. أول خطوة جريئة بعد وعيي لها كان تصميمي مساقا لطلبة سنة أولى بكلية العلوم بجامعة بيرزيت (1979): ‘الرياضيات في الاتجاه الآخر’ بنَيْتُه على خبرتي في السبعينيات. كانت ‘بيرزيت’ لا تزال منفتحة ترحّب بما لا يصدر عن القبيلة الأورو-أمريكية. نتيجة وعيي لعالم أمي بدأت ادعاءات مبهرة تتهاوى وتتضح أنها أوهام وملهيات، وأنها عبارات ميتافيزيقية لا علاقة لها بالحياة المعاشة. بدأ عمالقة في الفكر يأخذوا حجمهم الحقيقي بذهني، وبدأت تظهر مكان كل ذلك ‘الطبيعة الشافية’ التي تمثلت بحياة أمي. إيماني الراسخ – فكريا وعمليا – كان وما زال منذ 1967 خاصة منذ 1971 هو أن خلاص البشر يكمن بأفكار يمكن أن يسهم فيها كل شخص دون ورش عمل وتدريب.

 #Munir_fasheh  # منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر  #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

رقم 57: عالم أمي … جزء 2: معرفة عبر الأبجدية ومعرفة عبر الأصابع … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(26 أيلول/ سبتمبر 2020)

إلى جانب معرفتها بالرياضيات، كانت أمي التي لم تعرف أبجدية ولا أرقام مدبرة لأمور البيت ومربية لنا أنا وأختَيَّ بطريقة لم أستطع أن أفعل مثلها مع أولادي رغم حصولي على دكتوراه بالتربية من جامعة تُعْتَبَر الأولى بالعالم! رغم كل الغنى بعالمها، يصفها ‘الخبراء’ بأمِّية جاهلة مهمشة تحتاج إلى تمكين. لا يرون ما تحسنه ولا الغنى الذي تجسّده بحياتها. معرفتها مرتبطة بالطبيعة الشافية التي تمثلت بحياتها. هي في الجوهر مصممة وفنانة. لم يكن مفهومها للتطابق كمفهومي حول تطابق مثلثات، بل كان تطابُقَ ملبس على جسم امرأة: دقة مرنة. دقة رياضياتي قاسية كالصخر. معرفتُها متداخلة متكاملة مرتبطة بسياق وفعل؛ انسجامٌ حيٌّ مستمر تعامَلَتْ معه كوحدة مترابطة، تماما كعلاقتها باللغة إذ لم تعِ أن الكلمات تتكوّن من حروف وأبجدية بل كانت كل كلمة بالنسبة لها بمثابة كائن حيٍّ كامل. لا يمكن قياس ذكائها عبر ‘فيروسات’ مثل IQ ولا عبر ‘ذكاءات متعددة’ كما صاغها ‘جاردنر’، ولا يمكن مقارنة ذكائها مع ذكاء إنسان آخر على خط عمودي.ذكاؤها خلطة خاصة بها. مثلٌ هنديٌّ يقول: ‘كل إنسان كامل بشكل فريد’. لهذا أجد عبارة الإمام علي ‘قيمة كل امرئ ما يحسنه’ من أكثر الأقوال الملهمة الشافية لنا من فيروسات تدخل العقل والقلب والإدراك والعلاقات وتخرّبها؛ هي عبارة تجسّد كرامة ومساواة وتعددية ومسؤولية، كما تشفينا من مرض الشعور بفوقية ودونية. كانت تهضم معرفتها كما تهضم أكلها؛ فالاثنان لا يحدثا إلا داخل الشخص؛ تهضمهما فيصبحا جزءا عضويا منها. عدم وعيي لسنوات طويلة أن ما كانت تفعله رياضيات ما زال لغزا يحيرني. كيف كان ممكنا بسهولة السيطرة على عقلي حيث لم يستطع أن يرى ما تراه عينيّ؟ هذا يوضح دور الكلمات بإظهار شيء أو تغييبه. لم أره لأن أحدا لم يُشِرْ له برياضيات، إذ كان التركيز دوما على محو أميتها! عنوان ورقة قدّمْتُها باليونسكو عام 2002: كيف نمحو الأمية دون محو الأميين؟ برامج محو الأمية عادة تمحو معارف الناس وثقافاتهم وأنماط حياة مرتبطة بالطبيعة والحياة – خسارة كبيرة لا تُعَوَّض.

 #Munir_fasheh  # منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر  #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

رقم 56: عالم أمي … جزء ١: التحرر من خرافة أن رياضيات المدارس والجامعات عالمية … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(25 أيلول/ سبتمبر 2020)

أكثر حدث بحياتي تجسَّد فيه التعلم كقدرة موجودة فينا بالخليقة (كالتنفس والهضم) كان وعيي عام 1976 (حين كنت بِقِمَّة عملي كأستاذ رياضيات بجامعتين وموجها مركزيا للرياضيات بالمدارس الفلسطينية) أن أمي التي لم تعرف أبجدية ولا أرقام كانت تمارس رياضيات لا أستطيع فهمها ولا عمل مثلها! عشت 35 سنة قبل أن ألاحظ أن ما كانت تفعله هو رياضيات رغم أني كنت أشاهدها يوميا أمام عينيّ! وعيي ذاك كان بمثابة زلزال بركاني على صعيد المعرفة والإدراك:زلزال لأنه خلخل قناعات ومعارف اكتسبتُها بجامعات، وبركان لأنه أَخْرَج حُمَمًا غنية كانت مغمورة تحت السطح. عندما تمعَّنْتُ فيما كانت تفعله، ذُهِلْت: كانت تتعامل عبر عَمَلِ ملابس للنساء مع أعقد أنواع الهندسة: أجسام النساء! تعامَلَتْ مع تلك الهندسة على مدى 50 عاما دون الحاجة لعلبة أدوات هندسية مدرسية (المتطلبة بالمدارس) ودون الحاجة لإقليدس وهندسته، ولا لديكارت وهندسته التحليلية، ولا للهندسة الفراغية، ولا لمنطق أرسطو و‘برتراند راسل’، رغم أنهم أوهمونا بالمدارس والجامعات أننا بحاجة لكل ذلك وأولئك. كل ما احتاجت له هو ‘متر’ أو شريط قياس. تساءلتُ: كيف كَوَّنَتْ معرفتها دون تدريس ومنهاج ونظريات وتقييم، ومارست رياضيات لا يستطيع أيٌّ من أباطرة الرياضيات فِعْلَه؟! السبب هو نفسه الذي يتقن فيه كل طفل لغة أهله بسن 3 أو 4 سنوات دون الحاجة لأيٍّ مما ذكرتُه: التعلُّم قدرة مقدسة موجودة فينا بالخليقة. لهذا أقترح فكّ الارتباط بين التعلم والتعليم، وتحرير التعلم من ‘شرطة’ معرفة يضغطون على العقول حيث لا تستطيع التنفس. لنستعمل ‘اكتساب’ بدل ‘تعلم’ لما ينتج عن تعليم نظامي. معرفة أمي لم تتكون من نظرية وتطبيق بل من خلطة ضمّت أصابعها وعينيها ومخيلتها وقطعة القماش وجسم المرأة؛ معرفة تختلف عن interdisciplinary فأمي لم تجمع بين disciplines بل كان ذكاؤها يكمن بأصابعها التي نسجت بين المكونات الأخرى. فَهِمَت الرياضيات بالجذور حيث ما احتاجت له كان متوفرا لديها. كانت تأتي امرأة صباحا بقطعة قماش، وتُخْبِر أمي عن الملبس الذي تريده. عند الظهر تصبح القطعة 20 إلى 30 قطعة متناثرة، موقع كل قطعة في الملبس واضح بمخيلة أمي. في اليوم التالي أو الذي يليه تلملم أمي القطع بكلٍّ جديد ينطبق على جسم المرأة عبر علاقة أفقية فيها وُدٌّ واحترام، وليس عبر لجنة تقيّم الملبس. عملُها فنٌّ حيّ نراه على جسدٍ حيّ.

 #Munir_fasheh  # منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر  #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم #التعلم_قدرة_عضوية   #التعلم_خارج_المدرسة

رقم 55: رسالة إلى غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(24 أيلول/ سبتمبر 2020)

رسالة إلى غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي

أول ما أودّ ذكره أني وُلِدْتُ بالقدس عام 1941، أي أننا جيل واحد، لكني أصغر منك بسنة.

يوم 11/ 12/ 1917 دخل الجنرال الانكليزي ‘اللنبي’ القدس، وخطب في قاعة ب‘باب الخليل’. أول جملة قالها (وفق ما ذكر بمذكراته ‘واصف جوهرية’ مسيحي موسيقي من القدس حضر اللقاء): ‘اليوم انتهت الحروب الصليبية’. كان يجب أن يكمل: ‘واليوم تبدأ حملة صليبية صهيونية جديدة’. كانت بلاد الشام زمن الحملة الصليبية الأولى (قبل 900 سنة) متنوعة الثقافات والأديان والمذاهب؛ نصف أهاليها من طوائف مسيحية متنوعة. كانت الحروب الصليبية وبالاً على مسيحيي بلاد الشام. الحملة الصليبية-الصهيونية التي بدأت عام 1917 كانت أكثر وبالاً وبمباركة عصبة الأمم ثم هيئة الأمم. عند دخول جنرال اللنبي كانت نسبة المسيحيين بفلسطين تقارب خُمْس السكان. اليوم لا تزيد عن 2% (عدد المسيحيين العرب حاليا بالقدس يقارب 3 آلاف، وَهُم بتناقُص). لم يحدث هذا بسبب حركات إسلامية بل بتصميم وتخطيط من بريطانيا ‘المسيحية’ الذي أدى إلى جريمة 1948، وما زالت الجريمة مستمرة من حيث هدم بيوت وسرقة أراضٍ وقتل بشر.

وُلِدْتُ بالبيت الذي بَنَتْه أمي وأخواتها الثلاثة عبر الخياطة عشرين سنة. اضطرت أمي للعمل بعمر 12 سنة إذ توفيت أمها وكان أبوها ضريرا. هيّأَتْ بريطانيا للصهاينة طرد العرب، مسلمين ومسيحيين، كنت أحدهم. كان عمري 7 سنوات. زوجتي وأولادي ممنوعين من العيش معي بفلسطين. ما زال البيت الذي ولدتُ فيه قائما تحتله عائلة يهودية جاءت من أوروبا منذ 72 سنة دون أي شعور، كما يظهر، بأنها تقترف جريمة حيث سرقت بيتا بَنَتْه أربع نساء عبر خياطة ملابس على مدى عشرين عاما! أَخْرَج ‘أحمد الضامن’ عام 2012 فلمًا عن 5 أشخاص (أنا أحدهم) هُجِّرنا من القدس عام 1948. عُرِضَ بقناة الجزيرة. صمم ابن خال أبي (سابا شبر) مدينة الكويت عام 1952. وكان لعائلة أمي ‘سنجق’ بكنيسة القيامة؛ كانت عائلتها ترافق بطرك القدس بالأعياد والاحتفالات الدينية. حاليا، أنا الذكَرُ الوحيد من عائلة ‘فاشه’ بفلسطين. لي أخت وابنة عم تحملان اسم فاشه. بموتنا نحن الثلاثة ينتهي وجود العائلة بفلسطين. تعرَّفْتُ على المسيح ليس عبر بطاركة وحملة دكتوراه باللاهوت بل عبر أمي الخياطة التي لم تعرف الأبجدية لكن المسيح كان يسكن قلبها، كما كان يسكن قلب أبي – سائق تاكسي هرب من المدرسة بالصف الرابع حين مشى المدرس نحو درجه قاصدا ضربه. عندما رأى المسيح الفلسطيني ما يفعله التجار والمرابون بأهالي القدس لم يقف على الحياد بل حمل سوطا وطردهم من بيت الله (عملٌ يشبه طرد البنوك المهيمنة ببلاد الشام اليوم). أتمنى عليك غبطة البطريرك أن لا تضع يدك بأيدي الصليبيين الجدد وإلا سينتهي وجود المسيحيين كليا من بلاد الشام مهد المسيحية. ستبقى كنائسنا أبنية حزينة فاقدة لأهلها. وَضْعُنا السيء كمسيحيين ببلاد الشام من صنع الصليبيين الجدد الذين أفهم من كلامك أنك تحتضنهم. آمل أن تسير طريق المسيح قبل ألفي سنة. الفرق بين شخص وآخر لا يكمن في التصنيف السطحي: مسيحي، مسلم، يهودي، كنفوشي، بوذي، متدين، علماني، ماركسي، تقدمي، رجعي، خبير، دكتور، باحث بل فيما إذا كان الشخص مع ‘جورج فلويد’ المدعوس عليه أو مع الشرطي الداعس على رقبته. المسيح الفلسطيني مع ‘جورج فلويد’؛ المسيح الذي اختطفته أوروبا وجعلته خادما للإمبراطور مع الداعس على رقبته.

معلومة أخيرة تنطبق على أشخاص قليلين جدا: البيت الذي وُلِدْتُ فيه يقع في منتصف الطريق بين مهد المسيح وقبره. من ذلك البيت يمكنني أن أصل إلى المكانين مشيا على الأقدام. أرفق صورة لموقع البيت وموقع المغارة وموقع القبر.

#Munir_fasheh #منير_فاشه #مجاورة #خواطر #الطبيعة_الشافية #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل #تعلم #التعلم_قدرة_عضوية #لبنان #بيروت #البطريرك_مار_بشارة_بطرس_الراعي #التعلم_خارج_المدرسة

رقم 54: روبة اللبن: المعنى الحقيقي للاستدامة … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(23 أيلول/ سبتمبر 2020)

روبة اللبن الطبيعية تعيش أبد الدهر؛ قدرة طبيعية لتوليد الذات؛ تولّد ذاتها دون كلل، وتجسّد معنى الاستدامة الحقيقية. تعبير “التنمية المستدامة” الشائع ينطبق على ما هو مخرِّب. ما نمى باستدامة عبر القرون الثلاثة الماضية: الأسلحة؛ تخريب الحياة في الجوهر (كتخريب الجينات)؛ والنمو الأسي لرأس المال (ما يشار له بالربح المركب في كتب الرياضيات المدرسية، وفي رأيي هو المخرِّب الخفي الأكبر للحياة). وجه الشبه بين روبة اللبن وخميرة العجين والنباتات البرية والتعلم وروح الضيافة والمجاورة وتكوين معنى يكمن بأن جميعها بطبيعتها تولّد ذاتها دون الحاجة لمؤسسات ومهنيين وميزانيات. أي تخريب لأيٍّ منها هو جريمة ضد الحياة. التنمية المستدامة المدمِّرة هي نقيض روبة اللبن الخالدة. عمل لبن فنٌّ في طريقه للاندثار أمام ما هو مصنّع، تماما مثل التعلم كقدرة عضوية في طريقها للاندثار عبر التدريس.

 #Munir_fasheh # منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر  #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

رقم 53: العيش وفق الوفرة مقابل العيش وفق الندرة … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(22 أيلول/ سبتمبر 2020)

التعلم يتوافق مع الوفرة… التعليم مع الندرة

العافية مع الوفرة… الاستهلاك مع الندرة

المجاورة مع الوفرة… المؤسسة مع الندرة

ما يحسنه المرء كمصدر قيمته مع الوفرة… التقييم العمودي مع الندرة

ما أبحث عنه مع الوفرة… أبحاث مؤسسية مع الندرة

الكرامة مع الوفرة… الحقوق مع الندرة

النباتات البرية مع الوفرة… المأكولات المعدلة وراثيا مع الندرة

التحادث مع الوفرة… ورش عمل وتدريب مع ندرة

قدرات فطرية مع الوفرة… قدرات مكتسبة مع الندرة

قصص وحكايات ومعارف حياتية مع الوفرة… نظريات ومعارف تقنية مع الندرة

روح الضيافة مع الوفرة… خدمة ومساعدة عبر مؤسسات ومهنيين مع الندرة

 #Munir_fasheh # منير_فاشه  #مجاورة  #خواطر #الطبيعة_الشافية  #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل  #تعلم #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

رقم 52: المعرفة فِعْل … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(21 أيلول/ سبتمبر 2020)

في عملي مع المدارس خلال عقد السبعينيات (أي قبل أكثر من 40 سنة) كنت أحمل قلم رصاص وأسأل الأطفال: كم قلمًا بيدي؟ يقولون بكل ثقة: قلم واحد؟ أسأل: متأكدين؟ يقولوا نعم. أكسر القلم وأشحذ طرف مكسور ثم أسأل: كم قلم ترون؟ اثنان. أقول قبل دقيقة كنتم متأكدين أني أحمل قلم واحد، ماذا حصل؟ يقولون: ممكن تكوين 5 أقلام أو حتى عشرة أقلام صغيرة. أقول: بالكتب المقررة يوجد دائما جواب واحد صحيح بغض النظر عن سياق وفعل وتدخلنا فيه. الإنسان فاعل وليس فقط مُستَقْبِل. المعرفة والإجابات والمعاني مرتبطة دوما بسياق وأفعال وبشر يتعاملون معها وليست حقائق منفصلة عن كل هؤلاء.

 #Munir_fasheh # منير_فاشه   #مجاورة  #خواطر #الطبيعة_الشافية #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل #تعلم #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة