رقم 32: لستُ طالبا بل مطلوبًا … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(1 أيلول/ سبتمبر 2020)

كلمة ‘طالب’ لا علاقة لها بالواقع، وإذا ارتبطت بالواقع فتعني معظم الأحيان طالب شهادة تنفعه بعالم الاستهلاك. لم أكن طالبا بالمدرسة ولا بالجامعة. وفق الإعلان العالمي، ذهابي للمدرسة إلزامي بالقانون، تماما مثل الالتحاق بالجيش. في الحالتين، أنا مطلوبٌ لا طالبا. لم أطلب أي شيء وأنا بالمدرسة؛ كل شيء كان جاهزا. لم يسألني أحد: ماذا أنت شغوف بعمله؟ أو ترغب وتسعى لمعرفته؟ أو ماذا تبحث عنه في حياتك؟ وصفي ب‘طالب’ لم يُتَرْجَم إلى ممارستي لمعنى الكلمة! طالب ومعلم ومريد ومراد كلمات تنتمي لبيت الحكمة التي هي نقيض المستوطنات المعرفية (المدارس والجامعات). لا أذكر أني طلبت أن أُحْشَر بأقفاص مدة 12 سنة؛ أقفاص ليست فقط للجسم بل أيضا للعقل. هل من المعقول أن أطلب وأطالب بأن أقعد على مؤخرتي سنوات أتخرّج بعدها ببغاء أعيد ما سمعته دون دافع داخلي كذلك كان حالي أيضا في الجامعة – إذ هل معقول أن أطلب دراسة مساقات مثل:

Differential Equations, Introduction to Linear Algebra, Mathematical Statistics, Complex Variables, Discrete Mathematics, Topics in Algebra, Numerical Analysis, Theory of Numbers, Topology, Probability…

سواء بالمدرسة أو الجامعة كنت مطلوبا لأن أقرأ كتبا مقررة من مهنيين مرخصين يعملون بمؤسسات رسمية – لست طالبا بل مطلوبا ومُطالَبًا. الحق في التعليم هو حق مُلْزَمٌ به أنا ووالديّ (في حالة لم نرضخ، يحق لهم أن يعاقبونا). أكثر من مرة شعرت أني مظلوم – مطلوبٌ مني أن أذهب وأجلس بقفص مدة 12 سنة، كما أني مطالب بقراءة كتب مقررة لم أطالب بها ولم أرغبها هي أصلا ميتة بمعرفتها وعلاقتها بالحياة؛ لم أطلبها ولم أطالب بها. على الأقل كونوا صادقين: لا تدعوني طالبا بل مطلوبًا ومطالَبا! أُجْبَر على قراءة كتب ليس لها معنى في حياتي بل وتلهيني وتمنعني من قراءة كتب أدب وكتب بيان وتبيين وكتب حكايات. أنا مطلوب بقرار من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن أوضع في قفص مدة 12 سنة لا أستعمل فيها يدي ولا رجلي ولا أصابعي ولا أعرف الطبيعة سوى عبر تطبيق لنظريات أبجدية… ولا يُسْمَح لي بطرح أي سؤال يخرج عن المنهاج وإلا… أشعر بقوة لأن أصرخ: بعرض النبي، احموني من هذا الحق العالمي! لأتعرف على ذاتي وعلى ما أحسنه وما أبحث عنه في حياتي وأعرف ما هو الثابت في حياتي… لأتعرف على الطبيعة وعلى من وما حولي (كما كان لا يزال مسموحا به قبل 60 سنة في المدرسة التي درست فيها)، ولأقرأ كتبا فيها تهذيب للفكر وصقل للمعنى وجدل للنسيج مع آخرين وللتعرف على ما أحسنه وما أبحث عنه في حياتي وماذا يكوّن رجلي الثابتة في الحياة…

#منير_فاشه  #مجاورة #خواطر  #الطبيعة_الشافية  #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل  #تعلم  #التعلم_قدرة_عضوي

تعليق واحد على “رقم 32: لستُ طالبا بل مطلوبًا … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *