رقم 50: روح الضيافة … جزء 3: الحياة أخذٌ وعطاء، ضيافة وكرم، نطقٌ وإصغاء … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(19 أيلول/ سبتمبر 2020)

نسمع كثيرا عن الدولة المدنية ودولة مؤسسات وقانون، لكن ضروري أن نتذكر قول الرومي: ‘لربما أنك تبحث بين الأغصان عما لا يظهر إلا في الجذور’. الدولة المدنية ووجود مؤسسات أمور هامة نحتاج لها في أحيان، لكنها أمور تنتمي للأغصان. إذا توقفنا عندها وأهملنا الجذور سيصيب مجتمعاتنا العفن والوهن والترهُّل حيث تفقد روحها وحيويتها ومعنى وجودها. من أهم ما ينتمي للجذور، ذكرتُه بخاطرة سابقة: التحادث والضيافة وجدل نسيج بين الناس ومع الطبيعة والحضارة الذي يشمل بالضرورة التغذية من التربة الأرضية والتربة الثقافية. أكثر كلمة تتضمن مجموع هذه النواحي، ومفعمة بالأمل والحيوية ووجود معنى، كلمة ‘ضيافة’ التي هي نقيض الاستهلاك.  الحياة أخذٌ وعطاء، ضيافة وكرم، نطقٌ وإصغاء. عندما كان عمر أمي 22 سنة، توفي والدا قريب اسمه ابراهيم وهو بعمر 7 سنوات. قالت أمي لجدي ولأخواتها الثلاثة (أمها كانت متوفاة): إبراهيم ليس له أحد هل ممكن يعيش معنا؟ وافق جميعهم وانتقل وعاش معهم. عندما تقدم أبي للزواج من أمي قالت له: عندي 3 أخوات وإبراهيم؛ لا أستطيع أن أتركهم، سيبقوا معنا. وافق أبي وكنا ندعو إبراهيم ‘خالو’. أذكر هذه القصة كمثال رائع على معنى ودور الضيافة في معالجة كثير مما نواجهه من مشكلات. مرة أخرى، تجسدت روح الضيافة في قصة إبراهيم ما عَنَتْهُ عبر العصور: يوجد مكان آمن لك ببيتي أو عقلي أو قلبي أو عبر كلماتي وروحي ووجداني وإصغائي؛ فلتتفضل. لم تذهب أمي لمؤسسات بل ما فعلته نتج عن نداء إنساني باطني، وعن تقليدٍ رائع بمجتمعاتنا. مَأْسَسَة الضيافة عبر إنشاء أماكن رسمية للمساعدة والخدمة تشبه مأسسة التعلم عن طريق تدريس وتعليم نظامي. في الحالتين نخرّب ما هو مقدس فينا بالخليقة والثقافة. إذا كانت المؤسسات إضافة، أهلا وسهلا؛ لكن إذا طَمَسَتْ روح الضيافة، عندها يجب الحذر – ما نخسره صعبٌ جدا أن يُعَوَّض. جدير بالذكر أن الضيافة تتوافق مع العيش بوفرة، بينما مؤسسات خدمات ومساعدة تتوافق مع العيش بندرة.

#منير_فاشه #مجاورة #خواطر #الطبيعة_الشافية  #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل  #تعلم #التعلم_قدرة_عضوية #التعلم_خارج_المدرسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *