رقم 77: أين يكمن الأمل؟ يكمن باستعادة ما غُيِّب… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(2 تشرين ثاني / نوفمبر 2020)

همجية القرن العشرين شملت في النصف الأول حربين عالميتين، تبع الحرب الأولى غزوٌ كثيف لبلاد عديدة بما فيها بلادنا حيث هُزِمْنا فيها من الخارج، وتبع الحرب الثانية غزوٌ كثيف ما زال قائما لكن هذه المرة من الداخل عبر برامج التنمية التي انطلقت من أمريكا عبر خطاب ترومان الذي ألقى قنبلتين على مدينتين وشعر بنشوة النصر وأعلن في خطاب تسلُّمه الرئاسة بأن أربع أخماس البشرية متخلفون وبحاجة إلى تنمية وأنه على استعداد لطيبة قلبه بأن يساعدنا أن نتبع خطاه! الهمجية التي نشهدها ببداية القرن الواحد وعشرين (خاصة مع تفاقم الوضع حول العالم نتيجة تفشي كورونا) تضعنا أمام السؤال: أين يكمن الأمل؟ شخصيا أرى الأمل بشكل رئيسي فيما غَيَّبَتْه المدنية المهيمنة، لكنه موجود ومتوفر لدينا أكثر من الدول التي يشار لها بمتقدمة. في منطقتنا بالذات، مثلا، ما زالت ذاكرتنا – كما تقول رغدة بطرس – موجودة في جيناتنا وما علينا إلا تذكُّرها واستخراجها. من بين ما هو هام ومتوفر ولكن مُغيَّب: اللغات الحيّة التي تطمسها لغة الكتب المدرسية والأكاديمية، والحكمة والعافية والمسؤولية وتعدد المعنى والأمل والإيمان وروح الضيافة. هناك مقولات حكيمة عمرها مئات وآلاف السنين (والتي ذكرتُ بعضها في خواطر سابقة) غيّبها كليا عصر التنمية منذ 72 سنة. ما أركّز عليه حاليا – وذكرتُ هذا في خواطر سابقة – حقيقة أن الإنسان يتغذى من 4 أنواع من التربة والموجودة في أنحاء العالم وتحتاج إلى حماية واستعادة وليس إلى تنمية وخبراء ودعم خارجي. كل ما تحتاج له هو استعادة المسؤولية – على الصعيد الشخصي والجمعي (وفق مجاورات) – للاهتمام بها والعيش وفقها. هذه الأنواع من التربة مغيبة من مدارس وجامعات النخبة وبرامج التنمية أكثر مما هي مغيبة من المجتمعات التي تشير لها التنمية بمهمشة. بعبارة أخرى، الخروج من همجية الاستهلاك بسيط (لكن ليس سهلا)، ومتوفر في كل المجتمعات من حيث العمل وفق مجاورات ووفق العافية. تشكل الأتربة الأربعة جوهر العيش بعافية. إلى جانب هذا، يكمن الأمل بأن من الممكن البدء به منذ الآن، مهما كانت البداية صغيرة دون الحاجة لأي شيء من خارج المكان كأساس. أما بالنسبة لمن يقولون بأن العالم وصل الآن إلى الجيل الخامس الخ من التقدم التكنولوجي، فأقول لهم: هنيئا لكم، كُلوا ما طاب لكم من مصنعات التكنولوجيا، واسعدوا بوضع رؤوسكم في مواعين الأجهزة على مدى ساعات كل يوم، وانعموا بالأمراض الناتجة عن كل ذلك… يقول المثل: ‘إذا شيء زاد عن حدّه ينقلب إلى ضدّه’ وهذا وضع المدنية المهيمنة – زادت عن حدها كثيرا.

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم   #الحكمة   #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *