رقم 94: كلمة حق في وجه منظومة جائرة…عندما نرى الدنيا بالمقلوب … الجزء الرابع… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(19 تشرين ثاني / نوفمبر 2020)

جاء على لسان النبي العربي: ’أفضل الجهاد كلمة حق في وجه سلطان جائر.‘ وأقول – مستلهما روح ذلك القول – ’أفضل الجهاد في التعليم كلمة حق في وجه منظومة جائرة‘. تجلّت المنظومة الجائرة في حياتي بخمسة أمور (ذكرتُ بعضها سابقا): (1) استعمال إلزامي للغة مصنعة ميتافيزيقية يحكمها مهنيون وأكاديميون وخبراء، دون أن يكون لها علاقة بسياق وفعل وثقافة وقيم، حيث استعملتُها أثناء دراستي مدة تقارب من 20 سنة، قضيتها جالسا على مؤخرتي بمدارس وجامعات، يؤكدون لي زورا وبهتانا أن ذلك تعلُّم! (2) افتخار بعبودية معرفية حيث كنت أفعل ما يُمْلى عليّ دون فهم ودون سؤال ودون معرفة لماذا. كان سبب افتخاري كلمات مديح مثل ذكي ومجتهد، وذلك وفق مقاييس حقيرة. (3) وعيي بأني كنت كولونياليا معرفيا دون أن أدري أعمل في خدمة الأيديولوجية المهيمنة حيث كان سلاحي رياضيات القبيلة الأورو-أمريكية (أستعمل هذا التعبير للتأكيد على أنها ليست عالمية). (4) إتقاني للببغاوية حيث كنت أعيد ما أسمعه وأقرأه دون تفكُّر. (5) إلهائي على مدى أكثر من ربع قرن عن قراءة الحياة ومعرفة ما كان يجري في العمق والجذور.

 ما قلتُه بأعلاه مثالٌ لكلمة حق في وجه منظومة جائرة، أدت لموت سريري لعقلي لم أصح منه إلا بعد حرب 1967 واستمرت الصحوة خلال عقد السبعينيات حيث وعيتُ أن هدف تلك المنظومة هو أن أحتقر نفسي ومجتمعي وحضارتي. الأداة الرئيسية التي استعملَتْها المنظومة لإقناعي بأنها متفوقة تمثلت بادعائها أنها تملك الحقيقة الأحادية العالمية. بدأ شفائي من المنظومة خلال عقد السبعينيات من القرن الماضي عبر وعيي للتعددية في شتى نواحي الحياة كان أقواها وعيي للرياضيات التي كانت تمارسها أمي التي لم تعرف الأبجدية (كتبتُ عنها بخواطر سابقة). عندها بدأتُ أشفى من الموت السريري لعقلي بدءا بوعيي أن المنهاج والكتب المقررة والتقييم العمودي هي فيروسات عقلية إدراكية. بدأتُ منذ السبعينيات أركّز على أن كل إنسان مصدر معنى وشريكٌ في تكوينه، والذي اعتبرتُه جوهر التحرر من المنظومة. هذا هو التحدي الرئيسي بوقتنا الحاضر والذي توضحه لنا جائحة كورونا وظاهرة ترامب؛ فالاثنان كشفا لنا عورة الأيديولوجيات السائدة وزيف العالم المهبمن، كما أنهما ينبّهانا بأن معظم ما نحتاجه متوفر لدينا كأشخاص ومجتمعات وثقافات وحضارة، تتمثل في أقوى مظاهرها بأنواع التربة التي نتغذى منها؛ أنربة متوفرة في شتى المجتمعات، وبوجهٍ خاص في المجتمعات التي لم يبتلعها بعد وحش الاستهلاك. رغم كل هذا، نتعامل مع المنظومة وكأنها المخلّص.

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم   #الحكمة   #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *