الخاطرة رقم 97: لقاء عبر سكايب مع أطفال من غزة يوم 2/ 11/ 2017 … الجزء السابع… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(22 تشرين ثاني / نوفمبر 2020)

نَشَرَتْ ‘ورشة فلسطين للكتابة’ عام 2015 كتابي الأول من سلسلة ‘حكايتي مع الكلمات’؛ اخترت فيه 18 كلمة حكيت ما تعنيه لي تلك الكلمات عبر قصص وخبرات وتأملات واجتهاد في تكوين معنى وفق الحكمة، القيمة الجوهرية بالحياة. شجّعْتُ القراء أن يحكوا حكاياتهم مع كلمات آذتهم أو غذّتهم. أجمل ما حدث نتيجة نشر الكتاب لقاء (عبر سكايب) مع أكثر من 30 طفلا وطفلة أغلبهم من مخيم جباليا بقطاع غزة تراوحت أعمارهم بين 11 و14 سنة، بطلبٍ منهم. بعد أن عرّفتُ بنفسي وأكدت أن أهم ما يحمي مناعة الإنسان على الصعيد الفكري هو الشراكة في تكوين معنى للكلمات التي يستعملها، قلت أود أن أسمع منهم عن كلمات شاركوا في تكوين معنى لها. ‘أفنان’ (ابنة 11 سنة) كانت أول من حكت قصتها: ‘عندما كنتُ صغيرة، كنت أراقب الفتيات الجميلات وأقول لنفسي: لم لا أكون مثلهن جميلة؟ كنت كلما آتي إلى المدرسة يهزأن منّي لأنهن أجمل مني. 

وفي يوم سألَتْ المعلمة سؤالاً فلم يرفع أحد يده إلا أنا. كان سؤالها: ماذا يعني الجمال؟ قلت: ’لاحظتُ أني عندما أتكلم، ينتبه الذين حولي لما أقوله مما أشعرني أن جمالي يكمن بتعبيري وفكري، وليس في الحُلِيّ.‘ صفّق الجميع، رغم أني لم أكن واثقة من كلامي. وقتها أدركت أن الجمال ليس حلاوة الوجه وإنما في العقل والفهم’. قولُها جعل عينيّ تدمعان. أُرْسِلَ الكتاب إلى مؤسسات ومجموعات تعمل مع أطفال ويافعين بفلسطين لديهم اهتمام بهذه الفئة العمرية. لم تهتم أي مؤسسة بالكتاب (سوى مركز الطفل بغزة). أعتبر الكتاب من أهم ما كتبت من حيث تركيزه على مصدر شفائنا من أخطر ‘فيروس’ فكري: احتلال كلمات ومعانٍ رسمية محل كلمات ومعانٍ حيّة. كان حديث الأطفال عبر سكايب أقرب ما سمعته لروح الكتاب. سألتُ في نهاية اللقاء عن الفرق بين التعلم والتعليم. قام طفل وقال: ‘التعلم شيء أفعله لنفسي؛ التعليم شيء يفعله آخرون لي’؛ يا إلهي! لخص ذلك الطفل ببضع كلمات ما لا نجده بمجلدات كتبها تربويون عالميون يعتقدون أن التعلم ينتج عن تعليم رسمي! ما سمعته من أطفال غزة أثلج صدري وشحنني بمشاعر مليئة بالأمل مغيّبة من ‘المستوطنات المعرفية’ كالمدارس والجامعات التي تدرّبنا أن نكون ببغاوات. ما نقرأه ونسمعه من ‘خبراء’ همّهم الرئيسي إقناع الناس أن الماضي متخلف وولى زمانه. ذكرتُ نهاية اللقاء كيف كنا نذهب خلال السبعينيات من رام الله لغزة لنستقي منها وأهلها روحا نفتقدها برام الله. أكّد لي ذلك اللقاء أن تلك الروح لا تزال حية بغزة. جدير بالذكر هنا، أن الدكتورة ’رنا الدجاني‘ (والتي تُعْتّبَر من أهم علماء الأردن حاليا) عندما قرأت الكتاب أخذته إلى وزارة الثقافة الأردنية وحثّتهم على طباعة 3000 نسخة من الكتاب وبيع بسعر مخفّض جدا ليكون ممكنا لدى أي طفل من شرائه. وتمّ ذلك فعلا. 

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم   #الحكمة   #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *