الخاطرة رقم 128: ظاهرة ترامب التي ما هي إلا غيض من فيض، فالمخفي أعظم (الجزء الأول)… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(16 كانون الثاني/ يناير 2021)

هام جدا أن لا نُخْدَع مرة أخرى ونضع اللوم على شخص بينما الأسباب التي أدت لظاهرة ترامب تبقى في الخفاء. يذهب البعض إلى نقطة أعمق حيث يشيرون إلى ’الدولة العميقة‘ كمصدر ما نشهده من خراب ودمار وسعي للسيطرة. رغم الدور الكبير ل’الدولة العميقة‘ فيما نشهده إلا أن ذلك يعمينا عما هو أعمق كمصدر تخريب للحياة وللطبيعة الفيزيائية والبشرية، وللمصائب والأزمات التي نعيشها، ألا وهو المنطق الذي يحكم الإدراك والعلاقات والأفعال؛ منطق تحكمه قيم السيطرة والفوز والتراكم الأسي لرأس المال والتقييم العمودي، وعقاب من يرفض السير في هذا الطريق. ترامب ليس إلا غيض من فيض؛ ما خفي أعظم. ترامب هو الجزء الظاهر من جبل الجليد المخفي (the tip of the iceberg). فالعقاب هو جزء مركزي بالأيديولوجية المهيمنة بدءا من الصف الأول الابتدائي (يظهر بكثير من الأحيان بأغلفة براقة). فيروسان أساسيان في نشر المنطق المهيمن: التعليم النظامي كما صممه أبو التعليم الحديث ’كومينيوس‘، والعلوم كما صممها أبو العلم الحديث ’فرانسيس بيكن‘ (والذي كان ’إينشتين‘ أخطر مظهر لها). هذان الفيروسان نشآ في نفس الوقت: أوائل القرن السابع عشر (حوالي 1620). عشتُ وساهمتُ شخصيا عبر سنين بنشر هذين الفيروسين (دون وعي) حيث كان سلاحي رياضيات القبيلة الأورو-أمريكية. أخطر ما نعيشه حاليا من الجزء المخفي يتمثل بعدم قدرة التربويين والأكاديميين أن يخرجوا بمخيلاتهم من قفص التعليم والأكاديميا، إذ جُلَّ ما استطاعت مخيلاتهم أن تصله: التعليم عن بُعْد؛ لم تتعدَّ مخيلتهم حدود هذه الفكرة الضحلة البائسة إذ تبقينا بمستنقع تُميِّزه الببغاوية وعدم معرفتنا بقَدْر أنفسنا! ما يذكرنا بقول غاندي: ’خوفي الأكبر أن يترك الانكليز الهند وتبقي مؤسساتهم‘؛ فالخطورة ليست بالأشخاص بل بالمنطق الذي يحكمهم. ما نعيشه حاليا تذكير من رب العباد للتحرر من قبضة العبودية الفكرية الإدراكية. نهمل هذه الفرصة ونصرّ على الاستمرار بالسير وفق مسار مشبع بالاذلال. نرى ما فعله ترامب ولا نرى ما فعله ’بوش‘في العراق (الذي فاق في ضرره أضعافا مضاعفة عما فعله ترامب بأربع سنوات) حيث قتل مئات الألوف وشرد الملايين ليفرض الديمقراطية! رغم هذا، لم نسمع من أحد طالب بإقالته؛ لسبب بسيط: ما فعله كان ضد شعوب وليس ضد الدولة العميقة. كذلك، رغم دور ’أوباما‘ الكبير في الحرب ضد اليمن، لم يطالب أحد بعزله، لنفس السبب. وقَبْلَهم، ما فعله ’ترومان‘ من إلقاء قنبلتين على مدينتين مبررا ذلك بأنهم ’وحوش‘، وأيضا إعلان فيروس التنمية على الملأ (1949) الذي احتقرنا عبره أنفسنا على شتى الأصعدة؛ احتضنا الفيروس ولم نشف منه حتى الآن. كذلك، نحن صامتون معظم الوقت حيال تخريب جينات النباتات والحيوانات والحياة عامة على أيدي علماء القبيلة الأورو-أمريكية دون أن يرجف لهم جفن!

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *