الخاطرة رقم 129: ظاهرة ترامب… الداء في الدواء (الجزء الثاني) … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(17 كانون الثاني/ يناير 2021)

باختصار، ما ذكرته في الخاطرة السابقة يمكن اختزاله بما يلي: الداء الذي نسعى للشفاء منه يكمن في الدواء الذي وُصِف لنا: التعليم المدرسي والأكاديمي وعلوم القبيلة الأورو-أمريكية وفيروس التنمية (حيث كان عمري وقتها 8 سنوات). ما فعله ذلك الفيروس الذي أطلقه ’ترومان‘ من تمزيق وتخريب لشعوب ومجتمعات وانهيار لحضارات فاق تخريب ما فعلته القنبلتان اللتان أمر ذلك الرئيس بإلقائهما على هيروشيما ونجازاكي. ما خربته فكرة التنمية في الجذور كما عرّفها ترومان ما زال مستمرا. باختصار، أنواع الداء التي نعيشها الآن تكمن في الأدوية التي تجرعناها، وما زلنا نتجرّعها دون وعي. يسألني كثيرون: أين ترى الأمل؟ أقول: مصدر الأمل عندي يكمن باستعادة القدرات العضوية الموجودة فينا بالخليقة واستعادة المقومات الهائلة المتوفرة لدينا كمجتمعات وثقافات وحضارات لكن مغيبة. ما يمكننا عمله دون مؤسسات أمران أساسيان: استعادة التعلم كقدرة عضوية وتحريره من قبضة وسطوة التعليم بشتى أشكاله، واستعادة المجاورة كروبة اللبن التي تُنْقَل حيويتها عضويا من جيل لآخر دون الحاجة لمؤسسات وخبراء. المجاورة هي ملك الناس ومتوفرة بكل المجتمعات، وتحمل بأحشائها مقوماتنا المجتمعية والمعرفية والثقافية والحضارية. أعود لأؤكد عبارتَيْ الإمام علي ’قيمة كل امرئ ما يحسنه‘ و’ما هلك امرؤٌ عرف قدر نفسه‘ اللتين يمكن أن تشفيانا من الهمجية المهيمنة. مصدر الأمل بالنسبة لي يشمل أيضا حقيقة أن الداعس على رقاب البشر، بسبب عنجهيته، يفقد القدرة على التعلم (كما هو الحال بالنسبة لترامب)، بينما المدعوس عليه يتعلم، فالتعلم سلاح الناس. أعود لأؤكد أن العائق الأكبر حاليا لهذا التعلم هو التعليم عن بعد. الرؤية التي يمكن أن نستهدي بها تكمن في التحرر من التعليم عن بعد، واستعادة التعلم عن قرب: القرب من ذاتك ’(وفق قول النفري ’إعرف من أنت فمعرفتك من أنت هي قاعدتك التي لا تنهدم وهي سكينتك التي لا تزلّ‘)؛ والقرب من التربة الأرضية بما في ذلك المسؤولية فيما يدخل جسمك؛ والقرب من شتى مكونات التربة الثقافية كالقرب مثلا من الشبابة أو أي آلة تعشقها، والقرب من الدبكة والقرب من الحكايات؛ والقرب من بيان يبين ما بداخلك؛ والقرب روحيا من الطبيعة والحياة. هذا ما أراه يحدث بمناطق عديدة حول العالم. يمثل الزباتيون (أهالي جنوب المكسيك الأصليين) أروع مظهر لها حيث بعد أكثر من 5 قرون من دعس الأوروبيين على رقابهم، خرجوا عام 1994 بحركة من أكثر الحركات إلهاما في التاريخ (أنظروا Zapatistas في غوغل).

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *