الخاطرة رقم 147: دراسة البشر عيبٌ كبير، استعادة لغة ومعارف الحياة (الجزء الأول) … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(7 شباط / فبراير 2021)

أول أمس كنت في زووم شارك فيه أشخاص من السويد وألمانيا ودبي وفيتنام والبرتغال والولايات المتحدة. بمعرض حديثنا تكلمتُ عن المجاورة مع النساء بمركز الأميرة بسمة في حي النزهة بعمان. ما ذكرتُه في هذا اللقاء يختلف عما كتبتُه بخواطر سابقة. شمل الحديث التعلُّمَ خارج مفردات وإملاءات ونظريات الأيديولوجية المهيمنة. قلتُ: عملتُ مع النساء أكثر من سنة ونصف. لم أذهب إلى هناك لأدْرُسَهُنّ (كما هو الحال في الدراسات التربوية والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع)؛ ولا لأدَرِّسهنّ (كما في ورش عمل وتدريب وتعليم الكبار يمكن أن يكون لها معنى بمعارف تقنية). في نواحٍ تتعلق بالحياة، أجد سعي شخص لدراسة بشر (بصفة مهني أو أكاديمي أو خبير) يجسّد عنجهية واحتقارا للناس. أن يقوم شخص بدراسة مجتمع أو ثقافة أو حضارة ويدّعي أن ما يقوله هو الحقيقة، يعكس في أفضل الأحوال عيبا كبيرا. مَنْ أنا، فقط لأن معي شهادة، لأعطي نفسي الحق بأن أَدْرُسَ شخصا آخر أومجتمعا أو ثقافة وكأنه شيء؟ أليس من الأَوْلَى أن أدرس نفسي وأحاول تهذيب فكري وقولي وسلوكي وعلاقاتي مع الناس بدلا من دراستهم وإعطاء تقارير عنهم عبر مفاهيم ونظريات وتصنيفات صُنِعَت ضمن مدنية تحكمها قيم السيطرة والفوز والتراكم الأسي لرأس المال؟ معظم ما يشار له بدراسات لها علاقة بالبشر تحمل في طياتها منظومة متكاملة من كلمات ومفاهيم وإدراكات ترتبط بأيديولوجية القبيلة الأورو-أمريكية. العلاقة بيني وبين النساء في مركز النزهة كانت عبر مجاورة التي لا معنى فيها لدراسات وتدريس وتقارير وتقييم – كلمات لا تمتّ للحياة بل لمن ينظرللحياة من فوق. المجاورة لغة الحياة ومِلْكُ المتجاورين ولا يوجد فيها تراتبية من أي نوع. المجاورة بالمجتمع كروبة اللبن في الحليب تحتوي على بكتيريا طيبة تولّد حيويتها ذاتيا؛ هي طريق الحكمة والعافية والكرامة والتعددية والمسؤولية والحرية والمساواة. لنتوقف عن دراسة البشر وتدريسهم، ونستعيد – كأساس – المجاورة كوسيط للتعلم وكاللبنة الأساسية ببنية المجتمع، ونستعيد العافية كبوصلة لا نناقضها في أفعالنا.

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *