الخاطرة رقم 154: حل جائحة بجائحة… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(28 شباط / فبراير 2021)

يعيش الملايين منا جائحتين: جائحة كورونا وجائحة زووم؛ أي، كنا بجائحة أصبحنا بجائحتين. ’جائحة‘ باللغة العربية تعني ’اجتياح‘. علينا (كالعادة في عالم الحكمة) أن نسأل عن العواقب. نعيش جائحة كورونا ونعي أخطارها، لكن كما يظهر لا نعي ولا نسأل ولا نتساءل حول الثمن الذي ندفعه كبشر نتيجة جائحة زووم. حتى لا أُفْهَم خطأ: تشكّل زووم أداة ناجعة ومفيدة جدا ضمن الظروف السائدة، وأستعملها شخصيا كلما برزت الحاجة لاستعمالها. ما أطرحه هنا هو ليس عدم استعمال زووم بل ماذا يمكن أن نفعله بالنسبة لحماية إنسانية خارجة عن إملاءات التكنولوجيا ومؤسسات ومهنيين وخبراء وأكاديميين وحكومات ومنظمات دولية، تسعى جميعا – سواء بنيّة حسنة أم سيئة – في السيطرة على العقول والإدراك والسلوك. طرحْتُ في خواطر سابقة الرؤية التي أراها ليس فقط تحمينا من مساوئ جائحة زووم خلال انتشارها بل أيضا بعد المرور منها إلى ما بعدها. ما اقترحتُه بالنسبة للرؤية (مثلا بالنسبة لمرحلة الصفوف الثمانية الأولى) يتلخّص بثلاثة مكوّنات: استعادة المجاورة كوسيط للتعلُّم وكاللبنة الأساسية ببنية المجتمعات؛ والعافية كالبوصلة التي نستهدي بها ونعيش وفقها قدر الإمكان؛ والأتربة التي تغذينا ونغذيها. ما يميز هذه الرؤية أمران: توفُّر هذه المكونات في كل مكان، وأن العيش وفقها لا يحتاج لورش عمل ولا تدريب؛ جميعها يعتمد على المتجاورين وتأملاتهم واجتهاداتهم وعلى استعادة المسؤولية في حياتهم اليومية. الصعوبة في هذا المسار يكمن في أننا عشنا ببلاد الشام (كما في معظم أنحاء العالم) خلال ما يقارب من قرن تحت سيطرة وإملاءات مؤسسات ومهنيين وأيديولوجيات سلبتنا ما نستطيع عمله بأنفسنا، إذ أنستنا قدراتنا العضوية ومسؤوليتنا في تدبير شؤوننا بأنفسنا. هذه فرصة من رب العالمين لتذكيرنا بمسؤوليتنا كبشر فيما أُعطينا بالخليقة (كالتعلُّم والشفاء) وما توفره لنا الطبيعة (التي وصفها ابن سينا بالشافية) والتي جميعا غيبتها المدنية المهيمنة. أخيرا أود أن أُذكر بعض مساوئ زووم وضروري أخذها بعين الاعتبار: شعور معظم من يستعملونها (خاصة الطلبة والمدرسين) من تعب وإرهاق وإعياء يؤثر على نواحٍ شتى في الحياة بالعمق. الجميع يتحدث عن جائحة كورونا وتوجد محاولات عديدة للتقليل من أخطارها، لكن قلائل جدا هم الذين يتحدثون ويسعون لتجنب أخطار جائحة زووم على الصعيد العقلي والجسمي والنفسي والاجتماعي. الجامعات تتحدث دوما عن دراسات، هل هناك من دراسات وأفعال ورؤى حول كيف نتجنب أخطار جائحة زووم؟ ما أقوله لا يعني عدم استعمال زووم، فمن الواضح أنها تؤدي مهام هامة. ما أنبّه له هو توفُّر رؤية مكونة من ثلاث ركائز بإمكاننا عبرها التخفيف من الأضرار: مجاورة، عافية، أتربة.

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *