الخاطرة رقم 187: خواطر مستلهمة من غزة الجزء السادس: انتزاع أنفسنا من حالة التخدير والهوان… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(9 حزيران / يونيو 2021)

انتزعت غزة نفسها من حالة التخدير وخلقت فرصة لنا في أنحاء فلسطين لانتزاع أنفسنا من حالة التخدير التي نعيش فيها منذ 1993. المدنية المهيمنة مخدّر على أصعدة شتى، مخدّر يجعلنا أعداء أنفسنا وأعداء أطفالنا كما يجعلنا نفتخر بعبوديتنا دون أن نعي ذلك. كتبت عن هذا التخدير في خواطر سابقة. نبّهتنا غزة بضرورة التحكّم وحكم أنفسنا، ليس فقط سياسيا واجتماعيا بل أيضا (ولعله الأهم) التحكم فيما يدخل يوميا عقولنا وأمعاءنا وقلوبنا وعلاقاتنا من فيروسات وسموم بطيئة لا نشعر بها لكنها تهزمنا من الداخل. اللغة الرسمية (التي يشار لها ب’اللغة الأم‘ [نقيض لغة الأم كما وضّحتُ بخواطر سابقة] الأخطر والأعمق (والأقل وعيا) كفيروسات تخرب العقول وبالتالي يصبح الشخص معرضا لفيروسات على أصعدة أخرى. العقل الذي لا ترافقه حكمة غير محصّن وفاقد للمناعة مما يجعل خداعه سهلا. اللغة الرسمية حروفها عربية لكن معانيها ومرجعيتها القبيلة الأورو-أمريكية. الخطوة الأساسية في انتزاعنا من حالة التخدير المتمثل باحتلال اللغة الأم محل اللغات الحية تتمثل باستعادة ما يمثل بكتيريا طيبة شافية (على صعيد الفكر والقلب والأمعاء والعلاقات) لتقوم بحمايتنا من البكتيريا الضارة المؤذية التي لعل أخبثها إشعار شعوب العالم بالدونية؛ شعورٌ خلقه عصر التنمية على لسان ’ترومان‘ عام 1949 الذي أمر بإلقاء القنبلتين على هيروشما ونكازاكي دون أن يرجف له جفن. استعادتنا لتأكيد إنسانيتنا والإلقاء بثقلنا في العالم كبشر وثقافات وحضارات خارج إملاءات عالم الاستهلاك والسيطرة والفوز… وهذا بالضبط ما فعله أهالي غزة.

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

الخاطرة رقم 186: خواطر مستلهمة من غزة الجزء الخامس: يا ليت الصهيونية استلهمت حركتها من الأندلس لا من الأيديولوجية الأوروبية… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(5 حزيران / يونيو 2021)

عام 2016 اتصلَتْ معي مجلة يهودية بأمريكا (Sh’ma) لكتابة مقال حول الاحتلال. حكيتُ قصة ‘ألفونصو العاشر’ الذي دخل مدينة طليطلة (باسبانيا) عام 1252 ليطرد المسلمين واليهود منها. رأى ما لم يتوقعه: مجتمع حيّ تكتنفه عافية وحيوية وعلاقات طيبة وتناغم بين المسيحيين والمسلمين واليهود مما دعاه يغيّر رأيه فلم يطرد أحدا وأَطْلَق على نفسه ملك الأديان الثلاثة. عُرِفَ ب’ألفونصو الحكيم‘، وفعلا حكم 30 سنة ونشر كتبا عن الحكم بحكمة. كتبتُ في ذلك المقال: يا ليت الحركة الصهيونية (التي نشأت نتيجة اضطهاد اليهود بأوروبا) اتبعت طريق ألفونصو بدلا من بريطانيا وفرنسا اللتين لم تعرفا سوى استعمار وبطش ونهب وقتل شعوب. قبل 1948 كانت المجتمعات من إيران والعراق شرقا حتى المغرب غربا أماكن آمنة تعج بأديان ومذاهب وثقافات متعددة بما في ذلك اليهود (هذا لا يعني لم يكن هناك عنصرية ضد فئات). الفلسطينيون لم يذهبوا إلى لبنان طوعا بل طردا وعنوة؛ تفرَّقْنا بأنحاء المعمورة، وما زال التشتت صفة رئيسية تلاحقنا. زوجتي وابنيّ الاثنين لا يستطيعوا العيش معي بفلسطين (متزوج منذ 53 سنة). أُعيدَتْ مسرحية الاحتلال والطرد والقتل منذ 1948 بدولٍ عربية أخرى. كانت هناك 70 كنيسة في بغداد وقت غزو ‘بوش’ عام 2003. الآن توجد كنائس لكن أهلها شُرِّدوا حول العالم؛ بينهم آراميون قطنوا العراق منذ بداية التاريخ. نتيجة الغزو الأمريكي-الصهيوني رحلوا عن العراق؛ أغلبهم بالسويد. غزة دُمِّرَت مرات عديدة خلال العشرين سنة الفائتة، وكذلك مواطن البدو بصحراء النقب… حتى متى؟!

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

الخاطرة رقم 185: خواطر مستلهمة من غزة الجزء الرابع: فرق بين تعلّم يحدث لشخص عنصري، وتعلُّم يحدث لشخص جذوره بأتربة حيّة… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(4 حزيران / يونيو 2021)

ما حدث في غزة عمّق لديّ الفرق بين التعلم لدى شخص متكبر حيث يرتبط تعلُّمُه عادة بتطوير أدوات تعمّق عنجهيته وتزيد من سطوته وقدرته على القمع والتدمير، وتعلم يحدث لدى مظلوم حيث ينتج من أتربة حية. ما تعلمه نتنياهو عبر الثلاثين سنة الماضية تمحور حول كيف يزيد من سيطرته وقمعه وكذبه؛ بينما ما تعلَّمه أهالي غزة بنفس الفترة هو الانتباه الشديد للواقع وقراءته بعناية، وإدراكهم لموقعهم ودورهم فيه ومواطن القوة والمناعة لديهم، والالتزام بقناعات ومبادئ يعيشون وفقها كالصبر والكرامة والإيمان والأمل والإصرار والبناء على ما هو متوفر – الفرق بين تعلم بدون تدريس وتعلم يحتاج إلى تدريس.

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

الخاطرة رقم 184: خواطر مستلهمة من غزة الجزء الثالث: المسيح الطفل وأطفال غزة… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(2 حزيران / يونيو 2021)

في العام صفر ميلادي وُلِدَ المسيح الفلسطيني ببيت لحم. عندما سمع الملك هيرودس (ممثل امبراطورية روما) الخبر، والإشارة للطفل بمَلِك، أمر بقتل الأطفال بمنطقة بيت لحم. لكن ملاك الرب سبقه إلى حيث كانت مريم ويوسف وأخبرهما بأخذ الطفل والهرب إلى مصر. فَعَلا بما أمرهما به الملاك وأخذا يسوع الطفل إلى مصر حيث مكثا 3 سنوات. ولد المسيح من أم يهودية لكن وصلت روح رسالته العالم أجمع.

في العام 2021 سمع الملك نتنياهو (ممثّل أباطرة واشنطن ولندن وباريس) بأن أطفال غزة الودعاء والمستضعفين سيرثون الأرض. فأمر بقتل عدد منهم عبر طائرات متطورة جدا (ظهرت صور بعض أطفال غزة على الصفحة الأولى بعدة صحف حول العالم) – أطفال ولدوا من أمهات عربية لكن وصلت أصوات أرواحهم العالم أجمع. 

ما أشبه اليوم بالأمس. سيرث الأطفال الودعاء والمستضعفين – حول العالم – الأرض. غزة اليوم، كما ذكرتُ بخاطرة سابقة، ضمير الإنسانية الذي طُمِسَ بقوة وشراسة لم يسبقهما مثيل بالتاريخ منذ غزو أوروبا للعالم، بدءا بثلاث قارات حيث قضوا على من فيها من بشر وحضارات قضاءً شبه كامل، وأنشأوا امبراطوريات من عسكر ومال وعلوم هدفها (وفق القبيلة الأوروبية) قهر وإخضاع الطبيعة وخلخلة أسسها. تُمَثِّل بلاد الشام قبل غزو الانكليز والفرنسيين لها عام 1917، والأندلس عندما كانت الأديان الثلاثة تتجاور بمحبة ووفاق، أمثلة حية لمعنى مجتمعات متعددة. ربما يكون أطفال غزة الضمير الذي يوقظ العالم إلى أنه لا أمل للبشرية إلا باستعادة الحكمة التي تمثل التعددية أهم صفاتها. 

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

الخاطرة رقم 182: خواطر مستلهمة من غزة الجزء الأول: غزة ضمير البشرية … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(31 أيار / مايو 2021)

في غضون عشرة أيام، أصبحت غزة ضمير البشرية حيث هوى أباطرة سياسة ومال، تماما كما حدث معي قبل 45 سنة حيث كانت، وما زالت، والدتي التي لم تعرف الأبجدية ضمير فكري ومعرفتي حيث هوى أباطرة فكر (خاصة أباطرة رياضيات القبيلة الأورو-أمريكية) كتبتُ عنهم 5 خواطر 56-60. أود أن أذكر في هذا المضمار قولين من عمقنا الحضاري تذكّرنا بهما غزة. قولٌ للمسيح الفلسطيني: ’طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض‘؛ والآية الكريمة: ’ونريد أن نمنّ على الذين استُضْعِفوا ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين.‘ أهالي غزة وأمثالهم من الودعاء والمستضعفين حول العالم هم الذين سيرثون الأرض.

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة