رقم 5: التعلم في الجذور، مشاهدة وملاحظة حركة القمر مدة شهر كمثال… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(5 آب/ أغسطس 2020)

من أهم الأقوال التي قرأتها، قولٌ للرومي: “لربما أنك تبحث بين الأغصان عما لا يظهر إلا في الجذور”. ضروري أن نسأل دوما فيما إذا ما نقوله ونفكر فيه ونفعله ينتمي للأغصان أم للجذور. فيما يلي سأذكر مثالا يعكس التعلم في الجذور، جامعا أبعاد عدة تنظر إلى الحياة ليس كمواد دراسية مشرذمة ولا معلومات ومهارات ونظريات جاهزة بل تنطلق من مفهوم العلم في عز روحه. مثال يمكن استعماله أينما كنا، ومناسب لشتى الأعمار، وكان بالإمكان استعماله وقت الحجر، على الأقل كإضافة للتدريس عبر شاشات، كما يمكن استعماله خلال العطلة الحالية، ألا وهو مشاهدة كل شخص حركة القمر مدة شهر ويكتب ملاحظاته عنها؛ ومن ثم يتحادثوا عبر مجاورات فيما بينهم حول ملاحظاتهم. سيعيشون بهذه الطريقة عدة أبعاد جوهرية في الحياة والمعرفة: معنى علم وتعلُّم في الجذور؛ وأن خطوة أساسية في التعلم هي المشاهدة والملاحظة كنقطة بداية وليس نظريات ومفاهيم؛ وأن العلوم والمعارف تنطلق من العلاقة مع الطبيعة كأساس ومرجع ومعيار؛ وأن التدريس والتقييم والمنافسة والبيداغوجيا معيقة في هذه المرحلة، وتأتي لاحقا عند الحاجة لها؛ وأن وجودهم وتفاعلهم وتحادثهم وتبادلهم ما لاحظوه هو وعي أن التعلم على الصعيد الشخصي لا يكتمل إلا إذا كان في نفس الوقت تعلما على الصعيد الجمعي؛ وأن تكوين معنى ومعرفة وفَهْم يتطلب صبرا وتأملا واجتهادا وجهدا؛ وأن التعلم هو كالتنفس والهضم يحدث داخل الشخص؛ وأن العلم بالأساس هو التعرف على الطبيعة للعيش وفقها لا لقهرها وإخضاعها وخلخلة أسسها (كتعريف ’فرانسيس بيكن‘ له). في نفس الوقت، يشكل القمر بُعْدًا مركزيا في العالم الإسلامي، فهو أساس التقويم وعلاقته بالأعياد جوهرية. فملاحظة حركة القمر وتسجيل تفاصيل الحركة (مثل وقت ومكان البروز…) وشكله وحجمه… كذلك، يعيش الطلبة أهمية المجاورة في التعلم وتكوين معرفة، والتحرر من تراتبية، ومن الشعور بفوقية ودونية، ومن منافسة دنيئة. الخلل في التعليم لا يكمن في التلقين بل أعمق من ذلك بكثير: استعمال اللغة الأم المصنعة كوسيط، وتغييب التعلم كقدرة عضوية  والتعامل معه كأنه ينتج عن التعليم النظامي.

#منير_فاشه #مجاورة #خواطر #الطبيعة_الشافية #احتلال_و_عودة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *