رقم 62: مرة أخرى … غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي … خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(1 تشرين أول / أكتوبر 2020)

عام 2016 اتصلَتْ معي مجلة يهودية بأمريكا لكتابة مقال حول الاحتلال. رأيتُ أن أحكي غير ما نسمعه عادة. حكيتُ قصة ‘ألفونصو العاشر’ الذي دخل مدينة طليطلة/ توليدو (باسبانيا) عام 1252 ليطرد المسلمين واليهود منها. رأى ما لم يتوقعه: مجتمع حيّ تكتنفه العافية والحيوية والعلاقات الطيبة والتناغم بين المسيحيين والمسلمين واليهود مما دعاه يغيّر رأيه فلم يطرد أحدا وأَطْلَق على نفسه ملك الأديان الثلاثة. عُرِفَ ب‘ألفونصو الحكيم’. وفعلا، حكم 30 سنة وكتب كتبا عن الحكم بحكمة. كتبتُ في ذلك المقال: يا ليت الحركة الصهيونية (التي نشأت نتيجة اضطهاد اليهود بأوروبا) اتبعت طريق ألفونصو بدلا من بريطانيا وفرنسا اللتين لم تعرفا سوى استعمار وبطش ونهب وقتل شعوب. قبل 1948 كانت المجتمعات العربية من العراق شرقا وحتى المغرب غربا أماكن آمنة تعج بأديان ومذاهب وثقافات متعددة بما في ذلك اليهود (هذا لا يعني لم يكن هناك عنصرية ضد بعض الفئات). الفلسطينيون لم يذهبوا إلى لبنان طوعا بل طردا وعنوة؛ وتفرقنا في شتى أنحاء المعمورة، وما زال التشتت صفة رئيسية تلاحقنا. زوجتي وابنيّ الاثنين لا يستطيعوا العيش معي بفلسطين؛ متزوج منذ 53 سنة. أُعيدَتْ مسرحية الاحتلال والطرد والقتل منذ 1948 في دولٍ عربية أخرى. وقت غزو ‘بوش’ للعراق عام 2003، كان هناك 70 كنيسة في بغداد وحدها. الآن توجد الكنائس لكن أهلها شُرِّدوا حول العالم؛ بينهم الآراميون الذين قطنوا العراق منذ بداية التاريخ. نتيجة الغزو الصليبي-الصهيوني رحلوا عن العراق؛ أغلبهم اليوم بالسويد. أعود لأذكّر: يجب أن نصبّ غضبنا على الداعسين على رقبة ‘جورج فلويد’ لا على المدعوسين. هذا ما ورثتُه من دين أمي الذي لم يكن مُكَوَّنًا من أبجدية بل كان في صلب روحها وأسلوب حياتها. كان بيتُنا بيتَ ودعاء لا عظماء، وكما قال السيد المسيح: طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض؛ وهم بحق سيرثون الأرض. غزة دُمِّرَت عدة مرات خلال العشرين سنة الماضية، ومواطن البدو بصحراء النقب دُمِّرَت عشرات المرات… إلى متى؟!

شخصيا، أعمل منذ أكثر من 40 عاما على حماية المدعوس عليهم فكريا (خاصة بمجال الرياضيات) الذين يُعْطَوْنَ حول العالم شهادات رسمية من أجهزة تعليم مرخّصة بأنهم راسبون/ فاشلون/ ساقطون دون خجل ودون شعور بالذنب! كما في مجال الدين كذلك في مجال الرياضيات، كانت أمي التي لم تعرف الأبجدية هي التي نبهتني لهذا (والذي كتبتُ عنه في خواطر سابقة).

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل  #تعلم  #التعلم_قدرة_عضوية #لبنان #بيروت #البطريرك_مار_بشارة_بطرس_الراعي #التعلم_خارج_المدرسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *