(23 آب/ أغسطس 2020)
عام 1984، قدّمتُ أول صيغة لرسالة الدكتوراه للجنة المشرفة. في لقائي معهم، أكد الأعضاء الثلاثة أن المنهجية غير واضحة. قلت: ‘بل لا توجد منهجية، هذه كلمة اخترعتوها على مقاسكم ووفق أغراضكم؛ لم أستعملها بحياتي ولا أحتاج لها ولا أنوي استعمالها في رسالتي’. سأل أحدهم عن كيف أُكَوِّن معرفتي. قلت أني منذ 1971، نهجي في بناء معرفة ترتبط بالحياة، شمَلَ اندماج كلي بالحياة وتأمّلا بخبراتي وقراءاتي ومحادثاتي، واجتهادا لتكوين معنى وفَهْم.’ لم يعجبهم كلامي وأصرّوا على المنهجية المقبولة أكاديميا. شعرتُ عندها أن سبب عدم قبولهم لما ذكرتُه يكمن في أنه لن يكون لديهم سيطرة عليّ فيما أقوله وأفكر فيه وأكتبه، وهذا يتناقض مع المدنية المهيمنة التي تحكمها قيم السيطرة والفوز. قررتُ عندها ترك ‘هارفارد’ والعودة لجامعة بيرزيت وعملت عميدا لشؤون الطلبة مدة سنة، عدت بعدها إلى ‘هارفارد’ وقمت بما طلَبَتْه مني اللجنة لسبب بسيط: بدأتُ أسمع وأنا ببيرزيت أني أنتقد هارفارد والتعليم لعدم قدرتي على الحصول على دكتوراه. قررتُ أن أخزي عين الشيطان وعُدتُ إلى هارفارد وفعلت ما طلبته اللجنة وحصلت على الدكتوراه.بتعبير آخر، لم يُسْمَح لي أن أعود للجذور. شعار هارفارد VERITAS(الحقيقة) التي تدّعي أنها تمتلكها. حاولت أن أوضّح أن حضارتي في الجذور تعتمد الحكمة كأساس ومرجع ومعيار، لكن لم أفلح.
#منير_فاشه #مجاورة #خواطر #الطبيعة_الشافية #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل #تعلم #التعلم_قدرة_عضوية