(9 تشرين ثاني / نوفمبر 2020)
نسمع كثيرا عن الموت السريري للجسد، لكن لا نسمع أبدا عن الموت السريري للعقل الذي يُجَسَّد بالببغاوية الخالية من المعنى والفهم، حيث نجلس على قفانا مدة 12 سنة نعيد ما نقرأه بكتبٍ ليست بيانا وتبيينا بل كتبا تبحث بأمور تقنية (وهو مقبول) أو تستعمل كلمات ميتافيزيقية (لا علاقة لها بالحياة) نعيد وفقها ما نقرأه بكتب رسمية أو نسمعه من مهنيين وأكاديميين وخبراء. أود هنا أن أُذَكِّرَ بقول الرومي: ‘لربما أنك تبحث بين الأغصان عما لا يظهر إلا في الجذور’، وأؤكد أن هذا ينطبق على المشكلات والحلول، إذ نبقى في الحالتين بين الأغصان. نقول مثلا أن المشكلة بالتعليم هو التلقين وأن الحل يكمن باستحضار نماذج جاهزة من ‘القبيلة’ الأورو-أمريكية التي أصلا أوجدت الظروف لتعليمٍ سبّب الموت السريري للعقول – حيث المشكلة والحل ينتميان للأغصان. لذا، علينا أن نبحث عن المشكلات والحلول في الجذور، ليس فقط في التعليم بل في شتى مجالات الحياة. ذكرتُ في خاطرة سابقة أن المشكلة في الجذور بمجال التعليم تكمن بالببغاوية، وأن الحلّ في الجذور يكمن بربط كلمة تربية بتربة، أي يكمن بالعودة – كأساس – لأنواع التربة التي تغذينا: التربة الأرضية والثقافية والمجتمعية والوجدانية بدءا بتنظيفها من فيروسات حديثة (ذكرتُ كثيرا منها بخواطر سابقة)، وثم حمايتها ورعايتها لتصبح أساس التعلُّم الذي يمكن أن نمارسه منذ الآن. أي، لا يكمن الحل بكلمات استهلاكية كتطوير وتحديث واستيراد نماذج جاهزة (مهما كانت باهرة على صعيد الأغصان). لم يعد الوضع حول العالم يسمح بانتظار التعليم النظامي أن يصحو، إذ سيبقى يئنّ في السرائر زمنا طويلا. ليس بمقدور البشرية أن تبقى تنتظر بل تعمل ما يمكن عمله منذ هذه اللحظة، مما يعني أن أغلبنا سيضطر أن يعيش عالمين: عالم الاستهلاك المسيطِر، وعالم العافية الذي يتوافق مع العيش وفق أنواع التربة الأربعة – يتغذى منها ويغذيها.
#Munir_fasheh #منير_فاشه #مجاورة #خواطر #الطبيعة_الشافية #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل #تعلم #الحكمة #التعلم_قدرة_عضوية #التعلم_خارج_المدرسة