(5 كانون الثاني/ يناير 2021)
آن الأوان لاستعادة التعلم بعد أن صادره التعليم مدة تزيد عن مائة سنة في بلادنا عبر الوهم بأن التعليم يؤدي إلى تعلم! أعود لأؤكد أن التعليم يؤدي إلى تعلم بالنسبة لمعلومات ومهارات آلية ومعارف تقنية وليس بمعنى أن تصبح المعرفة جزءا من أسلوب حياة الشخص. يمكننا مثلا التعامل مع العلوم بحكمة، وفق إدراك ابن سينا المتمثل بالطبيعة الشافية، بدلا من تعريف ’فرانسيس بيكن‘ بأن العلم هو قهر وإخضاع الطبيعة. استعادة الحكمة في الحياة أمرٌ أساسي في التعلم. الركيزة الأساسية في التعلم وفق العافية والحكمة تكمن في الأتربة التي يتغذى منها الإنسان ويغذيها: الأرضية والثقافية والمجتمعية والوجدانية. هذه فرصة نادرة لقيام الطلبة بقراءة كتب هي بمثابة بيان وتبيين، لغتها ومعانيها مستمدة من التأمل فيما يمر به الناس والاجتهاد لتكوين معنى؛ وقيامهم أيضا بأنفسهم بالتأمل والاجتهاد لتوليف بيانٍ يبين بصدق وبلاغة ما ينضج بدواخلهم. من هذا المنطلق، ’التعليم عن بعد‘ جائحة اجتاحت العالم، مما يتطلب إعادة النظر بكثير من أوهامٍ وخرافات وأمراض حديثة. سؤال: لماذا (عبر التعليم عن بُعد) نعتبر إنهاء المنهاج أهم من حماية عيون الأطفال من النظر في شاشات، عدة ساعات باليوم؟ وحماية عقولهم من لغة ميتافيزيقية لا تستمد معانيها من الحياة؟ وحماية أجسادهم من الخمول جلوسا لا يتحركون؟ وحماية وجدانهم وقلوبهم من جفافٍ عاطفي وروحي؟ ينطبق هذا أيضا على أهالي الطلبة. كيف نفسر مقدار وعمق وسهولة التخدير الذي نصل إليه كبشر؟ تفسيري الشخصي: تغييب الحكمة من الحياة، ووضع العقل على العرش، حيث يصول ويجول دون وازع أو ضابط. غياب الحكمة يفسر حالات حديثة متطرفة ضمن هذا المسار، لعل أوضحها ترامب وهتلر وإينشتاين؛ فعقولهم متربعة على عروش تحكمها قيم السيطرة والفوز والكسب. أُذكّر: من أهم ما يميز التعلم الشراكة بتكوين معنى. جذر كلمة قاموس هو ’قَمَسَ‘ التي أحد معانيها: قَمَسَ الشخصُ في الماء إذا غاص فيه ثم ظهر، انغطَّ ثم ارتفع. القاموس هو أبعد موضع بأعماق البحر يغوص نحوها المرء ثم يظهر. هذا ما علينا فعله في سعينا للتعلم: غوصٌ في محيط الحياة، في أبعد أعماقها، حيث نَظْهَر ببلورة جديدة للمعاني والفهم.
#Munir_fasheh #منير_فاشه #مجاورة #خواطر #الطبيعة_الشافية #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل #تعلم #الحكمة #التعلم_قدرة_عضوية #التعلم_خارج_المدرسة