(18 كانون الثاني/ يناير 2021)
النشاط الرئيسي في بيتنا كان حياكة ملابس التي غذّت منذ 1976 حكايتي مع الرياضيات ومع التعلم عامة. كان عمل أمي حياكة ملابس للنساء من جهة وحياكة محبة في البيت من جهة أخرى. كلمة ‘حاك’ بالعربية (ككلمات أخرى كثيرة) غنية بتعدد المعنى: حاك الثوب، نسجه؛ حاك الشعر، نظمه؛ حاك المطرُ الرّوضَ، نمى كلأه وأزهاره؛ حاك دسائس؛ حاكٍ فاعل من حكى؛ الحاكي الراوي… أول حياكة مجتمعية وجدانية عشتها كانت عبر اللعب مع الجيران (احتلّ محله حاليا مدن ملاهي وألعاب الكترونية). الحياكة ليست حرية بل تحرر. حياكة أمي لملابس لم تمثل حرية بل تحررا من عبودية لأبجدية ومصطلحات ومعارف مؤسسية وأكاديمية. ما ميزها انتباهها لما كانت تعمله: حياكة نظرها مع أصابعها ومخيلتها وجسم صاحبة الملبس. نبهني ذلك لاحقا بأن ’حرية الفكر والتعبير‘ هو تعبيرٌ خبيث إذ يُبْقينا بين الأغصان ويلهينا عما يحدث بالجذور. ما نحتاج له في الجذور تحرر وليس حرية؛ تحرر من ‘حرية الفكر والتعبير’ بالذات والمرتبطة بنمط الاستهلاك. وهذا ينطبق على نواحٍ أخرى بالحياة: حرية الأكل مقابل التحرر من حرية أكل ما هو معروض. هذا ما حدث لطالبات الصف السابع بمخيم شعفاط حيث أرَدْنَ أن يتحررن من حرية أكل مأكولات مصنعة، وقررن ضمن مجاورة أن يأكلن وفق عافيتهن. حرية الأكل تؤدي بالشخص أن يأكل وفق أهواء السوق؛ التحرر من حرية الأكل يعني الأكل بمسؤولية. جدير بالذكر في هذا المضمار أن المحادثة والمشي بالطبيعة هما أحلى ما يحيك أنسجة فكرية جمعية وجدانية بين البشر ومع الطبيعة والمجتمع والذاكرة الجمعية؛ يحررانا من طريق معبّد ونبدأ بالسير وفق تضاريس الحياة والطبيعة.
#Munir_fasheh #منير_فاشه #مجاورة #خواطر #الطبيعة_الشافية #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل #تعلم #mujaawarah # تنمية_مستدامة #الحكمة #التعلم_قدرة_عضوية #التعلم_خارج_المدرسة