(3 شباط / فبراير 2021)
في أواخر عقد السبعينيات من القرن الماضي (77 – 1978) حصل حدثان بالضفة الغربية بفلسطين يجسّدان الخطورة التي يشعر بها الاحتلال الإسرائيلي بالنسبة لأي بناء على التربة الثقافية (ولا أقول الثقافة التي يمكن أن تكون سلعًا لا ترتبط بتربة يتغذى منها الناس ويغذّوها). الحدث الأول إنشاء كلية فنون بجامعة بيرزيت والحدث الثاني إنشاء برنامج أدلاء سياحة بجامعة بيت لحم. رفضت إسرائيل السماح للبرنامجين! كنتُ عضوا في اللجنة المكلفة بإنشاء كلية الفنون. كانت فكرة الكلية تشمل بناء أساسيا في الوسط يضم قاعة كبيرة، وحوله عدة بيوت صغيرة، كل بيت يهتم بناحية فنية تجمع بين أكاديميين وفنانين ’عضويين‘ كونوا فنونهم من أتربة حية في المجتمع. ما أخاف الإسرائيليين في رأيي هو ربط الطلبة بجذورهم، بتربة ثقافية مجتمعية وجدانية. كان ’حسيب الصباغ‘ قد تبرّع بالمبلغ اللازم لإنشاء الكلية. رفضت إسرائيل رَفْضا قاطعا السماح بذلك! كذلك الحال بالنسبة لإنشاء برنامج أدلاء سياحة بجامعة بيت لحم حيث رفضت أيضا إعطاء رخصة لإنشاءها. كان تعليق الجنرال الإسرائيلي ’موشه ديان‘ حينئذ: سنسمح للفلسطيني أن يكون سائق طيارة حربية قبل أن نسمح له بأن يكون دليلا للسواح! هذان الحدثان يعكسان أهمية الثقافة بحياة الشعوب عندما تكون نابعة من أتربة حية متعافية. تغيَّر الحال وأصبحنا نحن الأكاديميين نسعى أن نكون نسخا عن الغير نعيد كالببغاء ما نقرأه أو نسمعه من خبراء همُّهم الأول إقناعنا بأن الماضي متخلف وولى زمانه، مما جعلنا نتنافس في احتقار أنفسنا؛ أي، أصبحنا العائق لإنشاء ما يمتُّ بالجذور الثقافية المعرفية. ذكرتُ في خاطرة سابقة الاقتراح الذي أرسلتُه عام 2010 للجامعات الفلسطينية حول البدء بإنشاء ’بيوت حكمة‘ لعشرة طلبة فقط بكلٍّ منها على غرار بيت الحكمة ببغداد قبل 1200 سنة. لم تكترث أيّ جامعة بذلك! على الأغلب اعتبروا الفكرة عودة إلى الوراء في عالم تحكمه التكنولوجيا والبنوك وعلومٌ ترتبط بإخضاع الطبيعة.
#Munir_fasheh #منير_فاشه #مجاورة #خواطر #الطبيعة_الشافية #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل #تعلم #mujaawarah # تنمية_مستدامة #الحكمة #التعلم_قدرة_عضوية #التعلم_خارج_المدرسة