(14 آذار / مارس 2021)
قبل ثمانية قرون، هَمَسَ ’شمس التبريزي‘ بأُذُن شخصين – القديس فرنسيس الأسيزي، وجلال الدين الرومي – هذه الكلمات: ’يمكن لأي شخص أن يختارك في توهُّجِك، لكني سأختارك حتى حين تنطفىء، تأكد بأني وإن رأيت النور في غيرك سأختار عتمتك‘. شاهدنا توهُّجَ البابا فرنسيس وآية الله السيستاني بوجودهما معا، وفي نفس الوقت كيف اختار الاثنان وذكّرونا بملايين البشر الذين يعيشون في عتمة الضمير المهيمن، في العراق وسورية وفلسطين ولبنان واليمن وإفريقيا (أحد أهم منابع الحكمة في التاريخ) وفي أمريكا الوسطى والجنوبية. قبل 8 قرون، تلاقى ’فرنسيس الأسيزي‘ ب’شمس التبريزي‘ في دمشق. وكما ألْهَمَ ’شمسُ‘ ’جلالَ الدين‘ وبُنِيَت علاقة روحية متفجرة بينهما جوهرها حب الله، حدث أيضا بين ’شمس‘ و’فرنسيس‘. ’شمس‘ كان درويشا متجولا وهمس، كما تروي القصة، أسرارا روحية متشابهة في أذن فرنسيس وأذن الرومي مضمونها الحب الإلهي والمحبة بين الناس. في قولٍ للقديس فرنسيس ’اللهم إجعلني لا أبحث عن أن أُحَبّ، بل أن أُحِبّ أكثر‘. وفي قول للرومي ’ما قيل للوردة وجعلها تتفتح، قيل لي داخل صدري… لتكن مهمّتُك ليس السعي للحُب بل لإيجاد عوائق بداخلك تمنعك من أن تُحِبّ. أُخْرُج من دائرة الزمن وادخل دائرة الحب‘. ما حدث قبل 8 قرون عاد في روحه وروحانيته وتجسد في لقاء البابا فرنسيس بآية الله السيستاني يوم 8 آذار/ مارس 2021 في نفس المنطقة. لا شك أن البابا اختار اسم فرنسيس عندما أصبح بابا تيمُّنًا بالقديس فرنسيس الذي يُعْتَبَر قديس الحب في الغرب. كما يمثل الرومي شاعر الحب في الشرق والغرب على حدٍّ سواء. اللقاء حَدَثٌ يذكّرنا بأهمية المجاورة بين الأديان التي حَوَّرَتْها المدنية الحديثة لمحاورة بين الأديان. الاختلاف بين ’مجاورة‘ ومحاورة نقطة، لكن الفرق في العمق شاسعٌ جدا، ومُغَيَّب! ذكرتُ في خاطرة سابقة كيف حوّل الانكليز باحة الأقصى لدى احتلالهم القدس قبل مائة سنة من باحة تجاور إلى ادعاء التحاور. اللقاء بين البابا وآية الله مثال رائع على تجاور الأديان لا تحاور الأديان.
#Munir_fasheh #منير_فاشه #مجاورة #خواطر #الطبيعة_الشافية #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل #تعلم #mujaawarah # تنمية_مستدامة #الحكمة #التعلم_قدرة_عضوية #التعلم_خارج_المدرسة