(9 حزيران / يونيو 2021)
انتزعت غزة نفسها من حالة التخدير وخلقت فرصة لنا في أنحاء فلسطين لانتزاع أنفسنا من حالة التخدير التي نعيش فيها منذ 1993. المدنية المهيمنة مخدّر على أصعدة شتى، مخدّر يجعلنا أعداء أنفسنا وأعداء أطفالنا كما يجعلنا نفتخر بعبوديتنا دون أن نعي ذلك. كتبت عن هذا التخدير في خواطر سابقة. نبّهتنا غزة بضرورة التحكّم وحكم أنفسنا، ليس فقط سياسيا واجتماعيا بل أيضا (ولعله الأهم) التحكم فيما يدخل يوميا عقولنا وأمعاءنا وقلوبنا وعلاقاتنا من فيروسات وسموم بطيئة لا نشعر بها لكنها تهزمنا من الداخل. اللغة الرسمية (التي يشار لها ب’اللغة الأم‘ [نقيض لغة الأم كما وضّحتُ بخواطر سابقة] الأخطر والأعمق (والأقل وعيا) كفيروسات تخرب العقول وبالتالي يصبح الشخص معرضا لفيروسات على أصعدة أخرى. العقل الذي لا ترافقه حكمة غير محصّن وفاقد للمناعة مما يجعل خداعه سهلا. اللغة الرسمية حروفها عربية لكن معانيها ومرجعيتها القبيلة الأورو-أمريكية. الخطوة الأساسية في انتزاعنا من حالة التخدير المتمثل باحتلال اللغة الأم محل اللغات الحية تتمثل باستعادة ما يمثل بكتيريا طيبة شافية (على صعيد الفكر والقلب والأمعاء والعلاقات) لتقوم بحمايتنا من البكتيريا الضارة المؤذية التي لعل أخبثها إشعار شعوب العالم بالدونية؛ شعورٌ خلقه عصر التنمية على لسان ’ترومان‘ عام 1949 الذي أمر بإلقاء القنبلتين على هيروشما ونكازاكي دون أن يرجف له جفن. استعادتنا لتأكيد إنسانيتنا والإلقاء بثقلنا في العالم كبشر وثقافات وحضارات خارج إملاءات عالم الاستهلاك والسيطرة والفوز… وهذا بالضبط ما فعله أهالي غزة.
#Munir_fasheh #منير_فاشه #مجاورة #خواطر #الطبيعة_الشافية #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل #تعلم #mujaawarah # تنمية_مستدامة #الحكمة #التعلم_قدرة_عضوية #التعلم_خارج_المدرسة