(3 آب / أغسطس 2021)
على الأغلب، سارت عائلتي طريق المسيح منذ وطِأت قدماه أرض فلسطين الطيبة وانتقلت روح رسالته عبر ألفي سنة من جيل إلى جيل حتى وصل العائلة التي ولدتُ فيها وعشت في كنفها، ولم تنقطع إلا عندما احتلت بريطانيا ’المسيحية‘ فلسطين وشرّدت أهلها. أنا آخر ذكر من عائلة ’فاشه‘ بفلسطين. لي أخت وابنة عم تحملان اسم ’فاشه‘. بموتنا تختفي العائلة من فلسطين؛ تمّ ذلك عبر بريطانيا وأمريكا. أولادي ممنوعين من العيش بفلسطين. لكني أشعر وبعمق أن شبان وشابات غزة بمثابة أبنائي وبناتي الذين سيكملون المشوار وتستمر العائلة بفلسطين عبرهم. أود هنا أن أذكَر بثلاثة أمور ترتبط بالمسيح الفلسطيني. الأول، يصف الفلسطينيون المسيح بالفادي، واختارت منظمة التحرير هذه الصفة للمقاومين: فدائيون. يطلق الغرب صفة ’المخلص‘ والذي يتوافق مع الصورة التي سعوا لنشرها بأنهم مُخَلِّصوا البشرية! هكذا رأى ’دانيال بْلِسْ‘ نفسه عندما قَدِمَ إلى لبنان بالأربعينيات من القرن 19 ليخلّص أهلها عبر تبنيهم مسيحيته؛ لكن فشل. عاد إلى أمريكا وبعد 20 سنة عاد إلى لبنان يحمل ’دين‘ الغرب الأكثر أصولية: التعليم بشقيه النظامي والأكاديمي، ونجح نجاحا باهرا؛ وما زلنا نعتبره مخلّصًا!! الأمر الثاني حدَثَ حين كان تلامذة المسيح يتكلمون بالقدس عن الظلم القائم مما دعا موالين للسلطة بإسكاتهم، إذ قالوا له: يا معلم انتهر تلاميذك. أجاب: أقول لكم ’إن سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ!‘ صرخت الحجارة مرة أخرى بعد ألفي سنة خلال الانتفاضة الأولى ولم يُسْكِتْها إلا أوسلو والبنك الدولي. الأمر الثالث حدَثَ عندما اقترب المسيح من القدس ونظر إليها وبكى قائلا: ’أنك لو علمت أنت ايضا حتى في يومك هذا ما هو لسلامك. ولكن قد اخفي عن عينيك. أنه ستأتي أيام يحيط بك أعداؤك ويحاصرونك ويهدمونك وبنيك فيك ولا يتركون حجرا على حجر لأنك لم تعرفي زمان افتقادك‘. ثم دخل المسيح الهيكل ووَجَدَ فيه الصيارفَ جلوسا. صنع سوطا من حبالٍ وطرد الجميع من الهيكل وكبَّ دراهم الصيارف وقلب موائدهم؛ قائلا: بيتي بيت الصلاة؛ جعلتموه مغارة لصوص.
ما أشبه اليوم بالأمس! مثّل المسيح قبل ألفي سنة ضمير البشرية، وتُمَثِّلُ غزة اليوم ضمير البشرية – لهذا تتكالب عليها اليوم امبراطوريات تسعى إلى صلبها.
#Munir_fasheh #منير_فاشه #مجاورة #خواطر #الطبيعة_الشافية #احتلال_و_عودة #العيش_بأمل #تعلم #mujaawarah # تنمية_مستدامة #الحكمة #التعلم_قدرة_عضوية #التعلم_خارج_المدرسة