الخاطرة رقم 161: حول لقاء البابا فرنسيس بآية الله علي السيستاني… الجزء الثالث… التعلُّم عشق وليس طمعا بالنجاح وخوفا من الفشل… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(19 آذار / مارس 2021)

عِبْرَ ما سمعتُه حول ما جرى في اللقاء بين البابا والسيستاني، انتبهتُ أن تركيزهما كان على المحبة والسلام بين الناس، أمور اعتبَرَها الاثنان جوهر الأديان، أكثر بكثير من الحديث حول الجنة والنار. المؤمن الذي يفعل خيرا نتيجة حبه لله والناس والعيش بحكمة، واحترامه للتعددية والمسؤولية في الحياة، يختلف كليا عن شخص يفعل خيرا طمعا بالجنة وخوفا من النار. ما أود قوله هنا، وذات علاقة بالروح التي تجسدت في اللقاء، تتعلق بالتعليم: هناك فرق شاسع بين مَنْ يتعلّم طمعا بالنجاح (الجنة) وخوفا من الفشل (النار) وبين مَنْ يتعلم نتيجة عشق لناحية بالحياة وفق الحكمة والعافية ومحبة البشر والطبيعة. ما أتمناه هو أن تُلْهِم روح لقاء البابا والسيستاني المسؤولين بالتعليم والأكاديميا حيث يمارسوا هذه الروح بمجالاتهم ويركزوا على هذا العشق أكثر من الطمع بالنجاح والخوف من الفشل، إذ عندها سنبدأ باستعادة العافية التي يحتاج لها العالم أكثر من أي شيء آخر. بعبارة أخرى، اختار التعليمُ (الذي جاءنا من القبيلة الأورو-أمريكية) أن يسير طريق الجنة والنار بما في ذلك المدارس والجامعات التي تدعي أن مناهجها عالمية، ويتحكّم بقيمة الطالب أشخاصٌ بعيدون آلاف الأميال، قابعون في سويسرا ولندن وغيرهما! التقييم عن بعد سبق التعليم عن بعد. صعبٌ التفكُّر بشيء أكثر تخديرا من هذا. كورونا تذكيرٌ لنا من رب العالمين أننا إذا لم نتحمل المسؤولية ونتخذ خطوات لحمايتنا وحماية أطفالنا من السير وفق نجاح وفشل، فمصيرنا جهنم على هذه الأرض وبئس المصير. التعليم والأكاديميا اختارا طريق الجنة والنار وليس طريق عشق الحكمة التي اختارها العرب قبل 1200 سنة في بغداد. منذ 1971، أتجوّل داخلي كل صباح أنظر فيما دخل عقلي وقلبي وروحي ووجداني وأمعائي، وأتأمل في ذلك وأجتهد لأتعرف وأفهم ما كان منها بمثابة بكتيريا سيئة وما منها بمثابة بكتيريا طيبة، حيث أحتضن وأغذي البكتيريا الشافية. شكّل هذا التأمل صلاتي اليومية منذ 50 عاما، لم أكن فيها ببغاء أعيد كلمات أكون ساهيا عما أقوله، فويلٌ للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون. التعليمُ اختارَ طريقَ الجنة والنار لا طريق المحبة والعشق: عشق التعلم والفهم والمحبة بين الناس. في السنة التي يكون فيها الطالب بصفّ التوجيهي تكون سنة جحيم له ولعائلته — باسم التقدم! اللهم أَخْرِجْنا من ظلمات الوهم المتمثل بالتقدم على طريق تدمير الحياة على الأرض، والذي كان مهندسها الرئيسي إينشتين (الوحيد الذي استطاع إقناع روزفلت بصنع القنبلة الذرية في رسالة له عام 1939 تبعها بثلاث رسائل أخرى. بدلا من رؤية الواقع، نتخذ إينشتين قدوة – تخديرٌ لم يعرف له التاريخ مثيلا!) آمل قريبا أن يسير التعليم والأكاديميا الطريق الذي بدأ بتعبيده علي السيستاني والبابا فرنسيس اللذين اختارا طريق روح الأديان، لا مؤسساتها.

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

الخاطرة رقم 160: حول لقاء البابا فرنسيس بآية الله علي السيستاني… الجزء الثاني… قُلْ هو الله أحد… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(16 آذار / مارس 2021)

قصة سمعتُها في إيران قبل 14 سنة: مجموعة لصوص سرقوا ألماسة أكبر من بيضة وزّة. كان سعرها ثمن ألف فرس وألفي فدان من أفضل أنواع التربة في شيراز. شرب اللصوص خمرا ليحتفلوا. قرروا قبل أن يناموا (لعدم ثقة بعضِهِم ببعض) أن يقسموا الألماسة إلى قطع حيث كلٌّ منهم أخذ قطعة. فَقَدَتْ الألماسة قيمتها كليا… هذا ما فعلته المؤسسات الدينية بالله عزّ وجلّ؛ جزّأَتْهُ بإدراكها وفكرها وكلماتها وأفعالها وعلاقاتها. فَقَدَتْ الأديانُ جوهرَها وروحَها. ما فعله البابا فرنسيس وآية الله السيستاني هو استعادة وحدة الأديان في العمق… … أخيرا أود ذكر ناحية – رغم أنها جانبية في هذا المضمار تتعلق بالرياضيات التي قضيتُ معها سنوات –أن مَنْ تعاملوا مع الألماسة ومَنْ تعاملوا مع الدين صدقوا ما تدّعيه الرياضيات المدرسية أننا إذا جمعنا الأجزاء، يكون مجموعها يساوي الكل… يذكرنا لقاء البابا بالسيستاني ب: ’قُلْ هو الله أحد‘.

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

الخاطرة رقم 159: حول لقاء البابا فرنسيس بآية الله علي السيستاني… الجزء الأول… استمرار المسيرة/ التاريخ الحيّ… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(14 آذار / مارس 2021)

قبل ثمانية قرون، هَمَسَ ’شمس التبريزي‘ بأُذُن شخصين – القديس فرنسيس الأسيزي، وجلال الدين الرومي – هذه الكلمات: ’يمكن لأي شخص أن يختارك في توهُّجِك، لكني سأختارك حتى حين تنطفىء، تأكد بأني وإن رأيت النور في غيرك سأختار عتمتك‘. شاهدنا توهُّجَ البابا فرنسيس وآية الله السيستاني بوجودهما معا، وفي نفس الوقت كيف اختار الاثنان وذكّرونا بملايين البشر الذين يعيشون في عتمة الضمير المهيمن، في العراق وسورية وفلسطين ولبنان واليمن وإفريقيا (أحد أهم منابع الحكمة في التاريخ) وفي أمريكا الوسطى والجنوبية. قبل 8 قرون، تلاقى ’فرنسيس الأسيزي‘ ب’شمس التبريزي‘ في دمشق. وكما ألْهَمَ ’شمسُ‘ ’جلالَ الدين‘ وبُنِيَت علاقة روحية متفجرة بينهما جوهرها حب الله، حدث أيضا بين ’شمس‘ و’فرنسيس‘. ’شمس‘ كان درويشا متجولا وهمس، كما تروي القصة، أسرارا روحية متشابهة في أذن فرنسيس وأذن الرومي مضمونها الحب الإلهي والمحبة بين الناس. في قولٍ للقديس فرنسيس ’اللهم إجعلني لا أبحث عن أن أُحَبّ، بل أن أُحِبّ أكثر‘. وفي قول للرومي ’ما قيل للوردة وجعلها تتفتح، قيل لي داخل صدري… لتكن مهمّتُك ليس السعي للحُب بل لإيجاد عوائق بداخلك تمنعك من أن تُحِبّ. أُخْرُج من دائرة الزمن وادخل دائرة الحب‘. ما حدث قبل 8 قرون عاد في روحه وروحانيته وتجسد في لقاء البابا فرنسيس بآية الله السيستاني يوم 8 آذار/ مارس 2021 في نفس المنطقة. لا شك أن البابا اختار اسم فرنسيس عندما أصبح بابا تيمُّنًا بالقديس فرنسيس الذي يُعْتَبَر قديس الحب في الغرب. كما يمثل الرومي شاعر الحب في الشرق والغرب على حدٍّ سواء. اللقاء حَدَثٌ يذكّرنا بأهمية المجاورة بين الأديان التي حَوَّرَتْها المدنية الحديثة لمحاورة بين الأديان. الاختلاف بين ’مجاورة‘ ومحاورة نقطة، لكن الفرق في العمق شاسعٌ جدا، ومُغَيَّب! ذكرتُ في خاطرة سابقة كيف حوّل الانكليز باحة الأقصى لدى احتلالهم القدس قبل مائة سنة من باحة تجاور إلى ادعاء التحاور. اللقاء بين البابا وآية الله مثال رائع على تجاور الأديان لا تحاور الأديان.

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

الخاطرة رقم 158: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الجزء الثاني)… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(10 آذار / مارس 2021)

سؤال: لماذا مَنْ يريدون السيطرة يخافون من التأمل والاجتهاد، ويهملون المسؤولية، وبالتالي مغيَّبون من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟! سؤال آخر شبيه: لماذا جامعة (كجامعة ’هارفارد‘ المرموقة) تخاف من التأمل والاجتهاد والمسؤولية كنهج لتكوين معرفة (كما حدث معي حيث أصروا أن أستعمل منهجيتهم ورفضوا قبول التأمل والاجتهاد والمسؤولية وفق الحكمة والعافية كقيم (بدلا من السيطرة والفوز)؟ لماذا لا يوجد حق في الإعلان يعطي المرء الحق في أن يختار طريقه للوصول إلى معرفة وفهم؟! لماذا يخافون من فتح أبواب في أذهانهم أغلقتها ’هارفارد‘ والإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟ ولمتى سيبقى هذا الإغلاق قائما؟

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

الخاطرة رقم 157: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الجزء الأول)… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(7 آذار / مارس 2021)

هذا الإعلان لا يعطي الإنسان الحق بالتأمل والاجتهاد والمسؤولية بل يُلْزِمه بتطبيق ما يقرأه وفق ما قررته لجنة من عدة أشخاص مشكوك أصلا بنزاهتهم، بما في ذلك ’رينيه كاسين‘ الذي وضع الصياغة الأولى [فرنسي كانت بلدُه تبطش بالعباد حول العالم بما في ذلك الجزائر حيث قتلت عُشْرَ السكان وجرحت ثلاثة أعشارهم دون أن ينبس ببنت شفة ضد ذلك بل أُعْطِيَ وساما!] لم يُعْطِ الإعلان الحق للناس حتى بالتأمل بالإعلان نفسه والاجتهاد لتكوين مفهومهم عن الحقوق ضمن سياقهم، إذ لا يوجد معنى لأي شيء في الحياة دون سياق وأفعال وتأمل واجتهاد وتحادث مستمر؛ هذه الأمور غير مسموح بها على الإطلاق رغم أنها ترتبط بكرامة الإنسان والمساواة وتعدد المعنى والمسؤولية. جلّ ما هو مسموح به يقتصر على حفظ بنود الإعلان! إلى جانب ’رينيه كاسين‘، اختيرت ’إليانور‘ (زوجة روزفلت الذي أمر بصنع القنبلة الذرية) رئيسة للجنة! على الأطفال أن يحفظوا الحقوق ويعيدوها كببغوات! لم يفكّر أحد من أعضاء اللجنة ماذا يعني الإعلان لأهالي الأمازون إذ يعتبروهم متخلفين رغم التقديرات بأنهم يعرفون من الحيوانات والطيور والأشجار والنباتات والمخلوقات أكثر مما هو موجود بالانسايكلوبيديا – ويعرفوهم شخصيا وليس فقط عبر أسمائهم!

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

الخاطرة رقم 156: سؤال؟؟؟… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(5 آذار / مارس 2021)

ما هي النواحي التي تشعر فيها بعافية في حياتك؟ (وفق معنى عافية في نظرك)

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

الخاطرة رقم 155: أخطر فكرة دعائية منذ 400 سنة… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(3 آذار / مارس 2021)

أود أن أعيد ما كتبتُه بخاطرة سابقة والذي أعتبره أخطر فكرة دعائية منذ 400 سنة: إدّعاء من يُشار له ب’أبو التعليم الحديث‘ كومينيوس Comenius بأن الذين يتعلمون دون تدريس هم أقرب لكونهم حيوانات مما هم لبشر:

People who learn without being taught are more like animals than men.

مما يعني أن أي تعلُّم لا يتم من خلال تدريس ليس فقط لا قيمة له بل يجب احتقاره! ما زالت هذه الفكرة الدعائية سائدة إلى يومنا هذا. إذا جمعناها مع فكرة دعائية أخرى – تفوّق مدنية القبيلة الأورو-أمريكية على الصعيد الذهني والأخلاقي بانين ذلك على تقدم معارف تقنية واختراع  أجهزة وأدوات تكنولوجية – نكون قد فقدنا قدرتنا على تأكيد ثقلنا كبشر عبر ما لا يمكن للمعارف التقنية والتكنولجية أن تدركه وللعقل أن يستوعبه وللغة أن تعبر عنه، مثل التعلم الذي يحدث عضويا عبر الأتربة التي تغذينا ونغذيها: كالتربة الأرضية والثقافية والمجتمعية والوجدانية، وكذلك أيضا بالنسبة للعيش وفق حكمة وعافية ووجود معنى بحياتنا وعلاقات جميلة بيننا، ووفق إيمان وصبر وروح ضيافة ونواحٍ روحية بوجه عام. لم يكن للكولونيالية (بشتى أشكالها) أن تنجح لولا قبولنا للوَهْمين المذكورين بأعلاه. نعيش حاليا فرصة مواتية جدا مهداة لنا من رب العالمين للشفاء من هذين الوهمين واستعادة التعلم كقدرة عضوية لا تحتاج لمؤسسات ومهنيين، واقتصار مفهومنا للتعلم عبر تدريس على اكتساب معارف تقنية ومهارات آلية. لجوئنا إلى zoom و microsoft teams للتعليم عن بعد يجب أن يتقلص بأفضل الأحوال إلى اكتساب مثل هذه المعارف والمهارات، وأن يُصْرَف معظم الوقت على تعلم مرتبط بفِعْلٍ وتأمل واجتهاد وتحادث وقراءة كتب هي بيان وتبيين، وذلك عبر مجاورات ترتبط بالأتربة المذكورة بأعلاه التي نتغذى منها إذ هي مصادر العافية. باختصار، اعتبار المجاورة وسيطا للتعلم، واعتبار العافية بوصلة نستهدي بها. هذه فرصة لاستعادة أهم ما يميز الإنسان بالخليقة: التعلم (الذي لا يحتاج إلى تدريس). الحيوانات تتعلّم عبر تدريب لا يجسد فَهْمًا، تماما كما يحدث للإنسان في تعلم مهارات ومعارف تقنية عبر تدريب دون الحاجة لفهم، وهو أغلب ما نكتسبه في المدارس والجامعات حيث نتخرّج نسخا وببغاوات لما يُمْلَى علينا، وحيث نكون (كطلبة ومدرّسين ومعارف) عبارة عن سلع في السوق.

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

الخاطرة رقم 154: حل جائحة بجائحة… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(28 شباط / فبراير 2021)

يعيش الملايين منا جائحتين: جائحة كورونا وجائحة زووم؛ أي، كنا بجائحة أصبحنا بجائحتين. ’جائحة‘ باللغة العربية تعني ’اجتياح‘. علينا (كالعادة في عالم الحكمة) أن نسأل عن العواقب. نعيش جائحة كورونا ونعي أخطارها، لكن كما يظهر لا نعي ولا نسأل ولا نتساءل حول الثمن الذي ندفعه كبشر نتيجة جائحة زووم. حتى لا أُفْهَم خطأ: تشكّل زووم أداة ناجعة ومفيدة جدا ضمن الظروف السائدة، وأستعملها شخصيا كلما برزت الحاجة لاستعمالها. ما أطرحه هنا هو ليس عدم استعمال زووم بل ماذا يمكن أن نفعله بالنسبة لحماية إنسانية خارجة عن إملاءات التكنولوجيا ومؤسسات ومهنيين وخبراء وأكاديميين وحكومات ومنظمات دولية، تسعى جميعا – سواء بنيّة حسنة أم سيئة – في السيطرة على العقول والإدراك والسلوك. طرحْتُ في خواطر سابقة الرؤية التي أراها ليس فقط تحمينا من مساوئ جائحة زووم خلال انتشارها بل أيضا بعد المرور منها إلى ما بعدها. ما اقترحتُه بالنسبة للرؤية (مثلا بالنسبة لمرحلة الصفوف الثمانية الأولى) يتلخّص بثلاثة مكوّنات: استعادة المجاورة كوسيط للتعلُّم وكاللبنة الأساسية ببنية المجتمعات؛ والعافية كالبوصلة التي نستهدي بها ونعيش وفقها قدر الإمكان؛ والأتربة التي تغذينا ونغذيها. ما يميز هذه الرؤية أمران: توفُّر هذه المكونات في كل مكان، وأن العيش وفقها لا يحتاج لورش عمل ولا تدريب؛ جميعها يعتمد على المتجاورين وتأملاتهم واجتهاداتهم وعلى استعادة المسؤولية في حياتهم اليومية. الصعوبة في هذا المسار يكمن في أننا عشنا ببلاد الشام (كما في معظم أنحاء العالم) خلال ما يقارب من قرن تحت سيطرة وإملاءات مؤسسات ومهنيين وأيديولوجيات سلبتنا ما نستطيع عمله بأنفسنا، إذ أنستنا قدراتنا العضوية ومسؤوليتنا في تدبير شؤوننا بأنفسنا. هذه فرصة من رب العالمين لتذكيرنا بمسؤوليتنا كبشر فيما أُعطينا بالخليقة (كالتعلُّم والشفاء) وما توفره لنا الطبيعة (التي وصفها ابن سينا بالشافية) والتي جميعا غيبتها المدنية المهيمنة. أخيرا أود أن أُذكر بعض مساوئ زووم وضروري أخذها بعين الاعتبار: شعور معظم من يستعملونها (خاصة الطلبة والمدرسين) من تعب وإرهاق وإعياء يؤثر على نواحٍ شتى في الحياة بالعمق. الجميع يتحدث عن جائحة كورونا وتوجد محاولات عديدة للتقليل من أخطارها، لكن قلائل جدا هم الذين يتحدثون ويسعون لتجنب أخطار جائحة زووم على الصعيد العقلي والجسمي والنفسي والاجتماعي. الجامعات تتحدث دوما عن دراسات، هل هناك من دراسات وأفعال ورؤى حول كيف نتجنب أخطار جائحة زووم؟ ما أقوله لا يعني عدم استعمال زووم، فمن الواضح أنها تؤدي مهام هامة. ما أنبّه له هو توفُّر رؤية مكونة من ثلاث ركائز بإمكاننا عبرها التخفيف من الأضرار: مجاورة، عافية، أتربة.

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

الخاطرة رقم 153: نعيش على أبواب عهد جديد… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(26 شباط / فبراير 2021)

نعيش على أبواب عهد جديد يمكن أن يؤدي بنا إلى مسارات مختلفة جدا. لعل المسار الأهم الذي يفتحه لنا كبشر، هو استعادة إنسانية فقدناها نتيجة الدعاية التي نشرتها الكولونيالية الأورو-أمريكية منذ قرون بأنها متفوقة حضاريا. بكلمات غرامشي قبل مائة سنة: تتمثل الهيمنة ليس بقوتها بل بتصديقنا بتفوقها على الصعيد الذهني والأخلاقي. كلمات براقة كتحسين وتطوير وتقدم وتمدن وتميز دخلتنا كفيروسات جعلتنا نتنافس حول من يحتقر أنفسنا أكثر!

نتكلم عن الحداثة وما بعد الحداثة، وعن الكولونيالية وما بعد الكولونيالية، ونهمل ما هو موجود بالخليقة فينا وحولنا ولا يمكن تحسينه وتطويره، كالتعلم والشفاء والماء والنباتات البرية والبيان الذي يبيّن ما بدواخلنا. سُلِبنا مسؤوليتنا في القيام بما هو ضروري وما يمكننا القيام به بأنفسنا وأصبحنا ننتظر خبراء فقدوا الاستقامة بالفكر والقول والعيش. أول من تمّ اختطافُه من بيننا ووُضِعَ على قاعدة تمثال في روما (بخدمة الامبراطور) كان المسيح الفلسطيني حيث أصبحنا في فلسطين نستقبل ’خبراء‘ في الدين من أوروبا وأمريكا ليعرّفونا على المسيح! لم يكن للمسيح بيت بل كان يقطن قلوب الناس وبيوتهم. تلخّص ادعاء روما بأن التعرف على المسيح يحتاج إلى مؤسسات ومهنيين. ثم مرّت السنون وانتقل هذا الفروس إلى التعلم. فكما لا يحتاج الإيمان إلى مؤسسات، كذلك الحال بالنسبة للتعلم. تخريب الإيمان حدث عبر أباطرة روما؛ وتخريب التعلم حدث على يد شخصين: نبريها الإسباني وكومينيوس التشيكي الذي أكد على أن من يتعلم بدون تدريس هو أقرب إلى الحيوان منه إلى الإنسان… التعلم والإيمان لا يحتاجان إلى مؤسسات. بعد الحرب العالمية الثانية والدمار الذي أحدثته طلّ علينا الفيروس نفسه بثياب جديدة: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (10/ 12/ 1948)، وإعلان عصر التنمية (20/ 1/ 1949)؛ شهر واحد بين الإعلانين؛ انتشرا بسرعة لم يشهدها التاريخ!

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة

الخاطرة رقم 152: كلمة توثيق… خواطر مستلهمة من الطبيعة الشافية

(21 شباط / فبراير 2021)

كلمة توثيق نسمعها كثيرا: كلمة صنمية ضرورية ضمن حدود، لكنها تنتمي للأغصان لا للجذور؛ إذ تطمس خبرات الناس وبيانهم النابع من تبيين ما بدواخلهم.

#Munir_fasheh  #منير_فاشه   #مجاورة   #خواطر   #الطبيعة_الشافية   #احتلال_و_عودة  #العيش_بأمل   #تعلم  #mujaawarah # تنمية_مستدامة   #الحكمة  #التعلم_قدرة_عضوية  #التعلم_خارج_المدرسة